المؤمنة كاترين

المقطع التاسع

في شارع البلاجات (2)

 

خيمت الشمس فوق البر والبحر وسلطت أشعتها على كل من لا يحتمي ضدها  بعازل أو سقف ساتر أو يستظل بشجرة ورقاء. بانت جمال وجه كاترين لصديقتها  الجديدة التي كانت تظن بأن وجهها تشع بالماكياج، فانتبهت بأنها تحمل جلدا رقيقا شفافا لا تحتاج معه إلى الدهونات والمساحيق، شعرت بذلك حينما رأت  نفسها مصورة على وجه كاترين فإذا بها أمام مرآة مصقولة من النعومة والفتنة  وليست أمام امرأة بعد الثلاثين. نادت بصوت مرتفع:

 

            ما هذا الحسن والبهاء يا كاترين، أنت ملاك أم بشر؟

 

كاترين: استغفري لذنبك، فهل الإناث يمثلون ملائكة الرحمن؟ وهل هم مثلنا يتناسلون ليكونوا ذكرانا ونسوانا؟ إنهم خلق أوجدهم الله ليطيعوا  أمره، وينفذوا إرادته. ليس لهم إرادة ولا يمكن لهم أن يعصوا ربهم، كما نفعله نحن البشر. إنهم لا يأكلون ولا يشربون ولا ينامون ولا يحتاجون كما  نحتاج ولا يريدون كما نريد ولا يشتهون كما نشتهي. فهم ليسوا إناثا ولا ذكورا. لكن الذين تمثلوا منهم أمام البشر اتخذوا شكل الرجال. أما قرأت عن  مريم العذراء حينما رأت الروح القدس ظنت بأنه رجل فتهيبته وقالت له: إني  أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا؟

 

ماري:   وهل الروح القدس ملك من الملائكة؟

 

كاترين: لا أدري، ولعله رئيس الملائكة في نظامنا الشمسي.إنما قلت بأنه ملك لأني أجهل نوعه.

 

ماري:   لكنك جميلة جدا، فكأنك قمر منير أو نجم يسطع.

 

كاترين: شكرا وأنت أجمل مني خَلقا وخُلقا. إنني معجبة بك وأتمنى أن أراك  أكثر من هذا اليوم. فلو كنت موافقة، تتعشين معي هذا المساء في بيتي ؟

 

ماري:   شكرا، إنني سعيدة بأن أستنير من علمك وأستضيء بأفكارك الصحيحة وتأملاتك الدقيقة وأفضل ألا أفارقك في يوم عطلتك إذا لم أكن عبئا عليك.

 

كاترين: أنت كبيرة في عيني وأشتاق إلى التحدث إليك كثيرا، فنعم العرض  وأنا موافقة وسنكون معا طوال هذا اليوم.

 

ماري:   كأن شيئا يتعب ذهني يا كاترين، بالله عليك، ما هو دور رجال الدين لدينا نحن المسيحيين. إنهم هم الذين كتبوا لنا الكتاب المقدس طوال عدة قرون وادعوا بأنه موحى من رب السماوات والأرض وأنه مقدس. إنهم لم يقدموا لنا دليلا قاطعا على صحة ادعائهم كما كان يفعله أنبياء الله  الذين ملئوا زمانهم بالمعاجز والعلوم وذكر أسرار الكون. لكن هؤلاء الذين ننسب إليهم التقدس لم يأتوا بآية تدل على صحة ادعائهم. إنهم مجرد  أناس عاديين لبسوا أردية خاصة تميزهم عنا وأحاطوا أنفسهم بهالة من القدسية عن طريق مريديهم الذين كانوا يعيشون على التقرب إليهم؟

 

كاترين: وما هو دور رجال الدين لدى بقية الأديان. إنهم هم الملابس  والعمائم والأغطية المتميزة وتسفيه عقول الناس؟ ما هي ملابس موسى عليه السلام  وعيسى عليه السلام ومحمد عليه السلام؟ كانوا يلبسون ما يلبسه قومهم ويأكلون ما يأكلونه ويشربون ما يشربونه. كانوا يستنكفون عن إتيان كل فعل يحرمه  الله تعالى وكانوا يستنكفون أيضا عن خداع الناس وعن التمييز عنهم. كان  المسلمون حول محمد يرفعون أصواتهم ويمدون أرجلهم حتى نهاهم الله عن ذلك ليؤدبهم أمام رسوله الأمين. أما أمام الأسقف فليس لنا إلا الخضوع وأمام  البابا ليس لنا إلا تقبيل اليد وقبول كل ما يقوله بأنه الحقيقة الخالصة ولو رفضته عقولنا.

 

ماري:   وهكذا المسلمون يا كاترين. أنا محتارة كيف يحكم القرآن -وهو أقدس  كتاب لدى المسلمين- بأن الطلاق مرتان وثالثة ولكنهم يفتون بأن الثلاث يمكن اختصارها في مرة ولو غاضبا. والناس يتقبلون منهم كل ما يدعونه بلا حساب. الويل لمن يعارض أو يعترض فهو من أصحاب الجحيم، وهو من الكفار  والمشركين ودمه مهدور لدى بعض الطوائف!

 

كاترين: تماما كما هو لدينا نحن المسيحيين فلقد كتب القديسون طوال عدة قرون كتبا مدعين أنها وحي من الله وقد ساروا على وجوب اتباع كتب العهد القديم وأن السيد المسيح جاء ليكمل ذلك الدين والأنبياء، لا لينقض كما يوضحه  القديس ماثيو في الخامس من إنجيله: 17 " لا تظنوا أني جئت لأنقض التوراة  أو الأنبياء، جئت لئلا أنقض بل لأكمل. وقال لوقا في الرابع  والعشرين من إنجيله:44 " هو (المسيح) الآن (بعد أكل السمكة) قال لهم: هذه كلماتي التي قلتها لكم وأنا بينكم بأن كل ما هو مكتوب في أحكام موسى  (التوراة) والأنبياء والمزامير عني يجب أن ينفذ".

 

            وبولص الذي قال في الثالث من رسالته الثانية إلى تيموثاوس سنة 65 للميلاد: 16-17 "كل الكتاب المقدس هو من وحي الله ومفيد في التعليم، .. في وضع الأشياء في محلها الصحيح، في اتخاذ الصراط المستقيم.  ليكون رجل الله متأهلا وكفوا لكل عمل صالح". هو نفسه (بولص) الذي قال في الثامن  من سفر العبرانيين: فلو كان العهد الأول بلا عيب لما كان هناك مكان للعهد الثاني"  ويتابع في نفس السفر:13 "في هذا العهد، هو (الله) قد أنهى موعد العهد  الأول، والآن وقد عتق العهد وشاخ فهو كالمضمحل"! والعجيب أن بولص قد كتب العبرانيين  سنة 61  أي قبل خمس سنوات من مساندته للعهد القديم!!

 

            نحن المسيحيون أيضا نتقبل كل ما قاله هؤلاء [القديسون] على أن هناك  تناقضا كبيرا بينهم.

 

ماري:   لنكن بعيدين عن التعصب فإن المسلمين مع ما بدلوه من أحكامهم فهم أكثر إحكاما منا نحن المسيحيين. كتابنا المقدس لا يطابق العلم  الحديث ويخالف الكثير من الحقائق الكونية. إنه صادر ممن لم يطلع على  أسرار النجوم والكواكب البعيدة. فكأن الله الذي أنزل الكتاب المقدس ليس  هو الذي خلق هذا الكون العظيم الذي يفوق الأرض عظمة وقدما. إن أرضنا وشمسنا ونظامنا الشمسي لا شيء أمام الشموس الكونية الهائلة في الحجم فكما قلتي لي: في درب اللبانة شموس قطر بعضها أكبر من شمسنا 300 مرة. أضف إلى ذلك أن بها وحدها ما يقارب من مائتي ألف مليون شمس، ووراء هذه المجرة مجرات أخرى  لا يسع العلم أن يعلم عما بداخلها شيئا.

 

             إن قرآن المسلمين يتطابق مع العلم والكشف الحديث. إن أعظم مسألة  كونية يتفق عليها العلماء العصريون تقريبا هو موضوع الانفجار العظيم الذي حصل قبل عشرة آلاف إلى عشرين ألف مليون سنة، فالكتاب المقدس لا يسع هذه الحقائق أبدا. إن الله في الكتاب المقدس يملك الأرض وسراجا  مضيئا هو شمسنا وقمرا منيرا يدور حول الأرض إضافة إلى بعض القناديل المعلقة في السماء. لكن القرآن يساير العلم في أن:

 

        1.    الشمس تجري بسرعة 69000كيلو مترا في الساعة باتجاه نجمة فيغا لمستقر لها Apex. والقرآن يقول: "والشمس تجري لمستقر لها ذلك  تقدير العزيز العليم". ثم تكور وتحترق قاضيا عمرها وهكذا النجوم، كما يقره  العلم. والقرآن يقول: والنجم إذا هوى (يعني مات) ويقول أيضا: "إذا الشمس  كورت و إذا النجوم انكدرت".

 

        2.    السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقها الله وهو إشارة واضحة  إلى الانفجار الكوني العظيم. كما أشار بذلك (احتمالا) في سورة الطارق  "إذا السماء انفطرت و إذا الكواكب انتثرت و إذا البحار فجرت". فيوم انفطار  السماء وتناثر النجوم هو يوم الانفجار الكوني حيث تشكلت المجرات والنجوم، لكن القرآن الكريم يخبر بأن الانفجار حصل للبحار المحيطة بالمادة الأصلية للكون‌‌.

 

                    3.        الفضاء في توسع كما يقول القرآن "و إنا لموسعون"، والعلم موافق.

 

        4.    لعل القرآن يؤيد الفرضية التي لم تثبت بعد بأن الكواكب والنجوم سوف تعود إلى حالتها الأولى بعد تكويرها واحتراق كل طاقاتها وتوقف دوران ذراتها (الإلكترونات) حول النوايا ثم تلتصق ببعضها كما كانت قبل  الانفجار الكوني. حيث يقول تعالى في القرآن: "يوم نطوي السماء كطي السجل  للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعدا علينا إنا كنا فاعلين". وهو اليوم  الذي يسميه الله بيوم الفزع الأكبر ولعله في مقابل الانفجار الأكبر. الله  تعالى يذكر الحقائق الكونية ضمن آيات القيامة حتى لا يذهل قارؤوا الكتاب في القرون الأولى من إرسال القرآن إلى أن تتجلى حقائق الكون ويتعمق العلماء  في النجوم والسماوات.

 

        5.    يحيط بالنظام الشمسي وعلى بعد سنة ضوئية ونصف السنة (حوالي 14 مليون مليون كيلومترا) مجموعة كبيرة جدا من المذنبات وهي الكواكب  التي على شكل صواريخ ولا تحتاج إلى الالتزام بالفلك كما هو حال الكواكب  الكروية. هذه المذنبات تغلف النظام الشمسي بغلاف صاروخي يبلغ عرضه حوالي  نصف السنة الضوئية (4،7 مليون مليون كيلو مترا تقريبا) بحيث لا يمكن اختراقه  أبدا، فهذه المذنبات التي تبلغ عددها ما يقارب مائة ألف مليون مليون مذنب  مثل الصواريخ تبعث بالغازات من خلفها ليسهل عليها التوجه إلى كل صوب.

 

            وإلى هذا يشير القرآن احتمالا: "ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح  وجعلناها رجوما للشياطين". ويقول تعالى في مكان آخر: "إنا زينا السماء  الدنيا بزينة الكواكب  وحفظا من كل شيطان مارد  لا يسَّمَّعون إلى الملإ الأعلى ويقذفون من كل جانب   دحورا ولهم عذاب واصب  إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب  ثاقب". ولا يخفى الدقة الموجودة في بيان هذه الكواكب المذنبة بأنها شهب ثاقبة وبأن تركيبها في السماء على شكل أضواء أو شموع الزينة التي تركب عادة بشكل  غير منتظم وبحيث تملأ المكان المزين. هذه المذنبات تزين محيط النظام الشمسي  وتغلفه بغلاف أمني يمنع خروج أحد منها إلى العوالم العلوية بمن فيهم  الشياطين. فالمذنبات تلحقه يمينا وشمالا ومن كل صوب لتوقف حركته بصورة  تلقائية باعتبار كثرة عددها وعدم تشابه وجهاتها.

 

ولعل من يعترض بأن المكان الذي تتواجد فيه المذنبات كبيرة جدا ومائة بليون مذنب لا تكفي لملاحقة من يرغب بالخروج من ذلك المكان وهو صحيح. لكننا لا نعرف الوسيلة التي يستخدمها الجن والشياطين للخروج من النظام الشمسي، وبما أنهم موجودات طاقوية فأغلب الظن أنهم يركبون الأمواج النورية التي تأتينا من النجوم البعيدة للخروج من النظام أو الوصول إلى أطراف جاذبية النظام الشمسي ومحاولة الإصغاء إلى الملائكة. لو كان هذا صحيحا فإنهم يسيرون بسرعة النور وهو بحاجة إلى ستة أشهر لعبور المجال المخصص للمذنبات. سوف يمر مذنب واحد على الأقل خلال هذه المدة الطويلة فيخرق الامتداد الضوئي ويسقط الشيطان الراكب على أمواجه هاويا باتجاه الأرض مع نفس الشحنة الضوئية التي انقطعت وهوت إلى الأرض.

 

   6.    الكواكب الأرضية الموجودة في الفضاء و منها أرضنا تتكون من لب يفور نارا إما كوبالت أو نحاس أو غير ذلك من المواد الثقيلة  التي تحترق بصورة مستمرة ويحيط بهذا اللب -الذي يشمل غالبية سعة الكرة- غلاف  أو أغلفة صخرية وترابية تقي السطح من الحرارة الذاتية الداخلية ليعيش  عليها الانسان والحيوان. كما أن الكرات الغازية تضمر ثقلا من الغاز المضغوط والقرآن يقول "يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن  تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا، لا تنفذون إلا بسلطان   يرسل عليكما شواظ من نار ونحاس فلا تنتصران".

 

فالشواظ لهب لا دخان فيه والنحاس دخان بلا لهب، والأول يصدق على اللهب الجوفي داخل الكرات الصلبة مثل الأرض والثاني (النحاس) يصدق على الكرات الغازية التي لم تحترق ويخزن مقادير هائلة من الغاز الذي لا يقوى على تحمله الشياطين والآدميين. وأنا لا أعرف مصدر الأوكسجين لمواصلة الإشتعال في جوف الأرض.

 

وهكذا فلا يمكن خرق أي كوكب من هذه  الكواكب لوجود النار شديدة الحرارة والنحاس كما يفترضه العلم الحديث أيضا.

 

   7.     الشمس تدور حول مركز درب اللبانة دورة كاملة كل 220 مليون سنة  وبسرعة 900 ألف كيلو مترا في الساعة وهي تحمل كل كواكبها ومن فيها وفيها  نحن البشر طبعا. كما أن القمر  يدور حول الأرض وهو والأرض يدوران حول  الشمس وكذلك بقية الكواكب والنجوم والمجرات والله يقول: كل في فلك يسبحون.

 

        8.  النجوم والأجسام السماوية ومنها أرضنا تسير في أفلاكها بدقة  الموازين. لقد أثبت العلم الحديث مثلا أن القمر يبتعد ستة سانتيمترات سنويا  عن الأرض. فلو افترضنا أنه قطعة من الأرض انقلع منها واتخذ مكانا له حول  الأم قبل خمسة بلايين سنة -وهو الوقت الذي يحتمل تشكل الشمس فيه- ولو  احتملنا أنه ابتعد حين الانفجار الأرضي حوالي 500000  كيلو مترا فبعد خمسة  بلايين سنة وصل إلى مكانه الفعلي الذي يبعد حوالى 384600 كيلو مترا عن  الأرض. والله يقول في القرآن: والسماء رفعها ووضع الميزان. فلو نحتسب حركات  الكواكب ومداراتها بدقة السانتيمترات -وهي لا شيىء بالقياس مع هذه الأجسام  الكونية الكبيرة- لكان صحيحا كما فعلنا. فهل نصدق أن هناك ميزانا إلهيا  دقيقا لهذه الأجسام الضخمة؟

 

            ثم إن خالق الكون ليس أبا كبيرا يحب شعبه الوحيد في الأرض فيبعث  إ ليهم  إبنه ليسعدهم ويهديهم، ثم يقتل الابن فيمسح الله بموته ذنوب عباده  الموجودين والقادمين إلى انتهاء العالم ماداموا يحبون هذا الابن المقتول  ظلما ويدخلهم جميعا في بنوته فيصيرون جميعا أبناء الله (معاذ الله) كما  يوحي به الكتاب المقدس!! بل هو خالق السماوات والأرض وخالق شعوب هذه  المجرات والنجوم، وكل من في السموات والأرض عبيد له وهو لم يلد ولم يولد  كما هو في القرآن.

 

            ذهلت كاترين من دقة المعلومات الموجودة لدى صديقته الجديدة ماري  فقالت لها:

 

            يا أخت النصارى من أين لك هذه المعلومات القرآنية التي مزجتيها  بالمعلومات الكونية الدقيقة؟

 

ماري:   صديقتي التي تزوجت وابتليت بكارثة الطلاق، هي التي نقلت لي هذه  المعلومات من زوجها المسكين الذي ابتلي بمفارقة زوجته رغم أنفها نتيجة خطإ بسيط لا يد لهما فيها. إنهما لا زالا يحبان بعضهما البعض ولكنهما  مهتمان بالإسلام فلا يلتقيان ومهتمان بحبهما فلا يتزوجان من غيرهما.

 

            أحست الفتاتان بالجوع وبأن حرارة الشمس لا تكفي لسد الرمق، فالمعدة  تطلب الأكل لتنتج الطاقة المناسبة لها ولبقية أعضاء الجسم. إنها لا تكتفي  بطاقة الشمس ولا بالطاقات الأخرى، فتحرك شهية الإنسان ليبحث له عن طعام. قالت  كاترين:

 

            ماري، ألست جائعة؟ معي عدة ساندويتشات فلو كنت موافقة لنشترك معا  فيها؟

 

ماري:   ومعي أيضا بعض الساندويتشات فلنتشارك و إني جائعة بشدة أيضا.

 

            الصديقتان الجميلتان التهمتا الأكل وبلعتاه من شدة الجوع ولم  تلتفتا لتبادل النصح إلا بعد انتهاء الأكل فكأنهما تطلبان المزيد أيضا.

 

كاترين: الحمد لله الذي لا يغفل عن عباده فيهيئ لهم أسباب العيش ويكرمهم  بالطيبات من الرزق. و إذا ما أجاعهم فلِيشعرهم بلذة الأكل وأهميته. ألا ليتنا نصوم فلا نبتلى بالمجاعة وليتنا نصلي فلا يبلينا الله بأنواع العذاب.

 

ماري:   أعتقد بأن الوقت الآن مناسب لترك البحر والتوجه إلى منزلك كما اتفقنا.

 

كاترين: حسنا، ولكني أريد أن أعقب على ما قلتيه من أن الذين يحبون المسيح سيصبحون جميعا أبناء الله حسب ادعاء الإنجيل. هذا القول موجود في  الكتاب المقدس في ماثيو 23: 9-11 "ثم لا تخاطبوا أحدا بأنه أبوكم على الأرض  لأن أبوكم هو واحد هو الذي في السماوات. ولا تخاطبوه بالقائد لأن قائدكم واحد هو المسيح. وأما أكبر واحد بينكم هو الكاهن". ولكن المسيحيين يخاطبون كل  الزعماء الدينيين بالآباء!

 

            أنا محتارة في ديني وفيمن أتبعه من القديسين وما أتبعه من أقوالهم. يقول الكتاب المقدس في ماثيو 23: 1-3  ثم تكلم عيسى للجمع  وللحواريين قائلا: "الكتبة والفريسيون خلفوا موسى. ولذلك فكلما  قالوا لكم فاعملوا به وتمسكوا ولكن لا تفعلوا كما يفعلون، لأنهم يقولون ولكن  لا يعملون".

 

            يحتار الانسان من هذا الكتاب، فهل يمكن أن نصدق الفاسقين الذين  يقولون ما لا يفعلون حسب ادعاء هذا الكتاب عن قول السيد المسيح عليه السلام. الفاسق لا يوثق به. لو تطلب من مجنون أن يتبع الفاسق الذي يقول ما لا يفعل  لضحك وأبى أن يطيعك. إذا كان الكتبة الذين نقلوا لنا التوراة من موسى كلهم فاسقين لا يعملون بما يقولون فهم كذابون أيضا. لأن الإيمان هو الذي يردع  الإنسان عن الكذب كما يردعه عن ترك الواجبات و إتيان المحرمات. حتى الإيمان بالقانون يمنع الإنسان من الفعل أكثر مما يمنعه من القول. فكيف يقول: الحسن من يأتي بالعمل السيء. هذا أمر عجيب ولا أظن أن نبي الله عيسى قد تفوه به. حاشاه عليه السلام من هذه الأقوال السفيهة الموجودة في كتابنا المقدس.

 

يتبع: (مفاجأة سارة)