إيجابيات آل صباح

إن لتوارث الحكم والقدم في التسلط أثرا فعالا في انطباع الإنسان على  الإدارة وإصدار الأوامر المعقولة وفي خلق المقبولية لدى المحكومين، فالأمة قد  تعودت أن تسمع النداء بالإمارة والحكم لوريث من آل الصباح وأن ترى كلما دخلت  مرفقا حكوميا صورة واحد من الأسرة المعروفة معلقة في أبرز علوّ على الدائرة.  وقد تعلّم أبناء جابر وسالم كيف يرضوا الناس و كيف يسوسوا بينهم. لقد  كوّنوا لأنفسهم ألبوما كبيرا من صور زعماء العالم الذين التقوا بهم طوال  عشرات السنين وتكوّن لديهم مجموعة كبيرة من المعلومات العامة التي تشكّل  رصيدا علميا تسند إلى حد كبير قراراتهم الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.  هذه الذخيرة العلمية الوفيرة و تلك المكانة الاجتماعية الرفيعة و مجموعة  الخبرات و التجارب في مضمار الحكم لا بد و أن تستخدم لإدارة البلاد و لتصريف  أمور المرتبطين بالكويت. فالتفريط بقدرات هذه الأسرة و إمكاناتهم الرهيبة،  إضرار بالكويت و بأهل الكويت. من المعقول أن نشجع الأسرة الحاكمة لأن تمد  البلاد بثرواتها العلمية والمالية وتساعد -كما عمل أسلافها- في بناء الكويت  وتطويرها وجهاد عدوها واستصلاح أهلها. إن للسلطة الحاكمة فعلا أكبر الفضل في  تعديل مصادر الثروة وتبديل عوائد النفط برأسمال كبير على شكل إيداعات دولية  ضخمة أو أسهم من الشركات الكبيرة أو استثمارات عقاريه ومالية مختلفة أخرى  وكلها خارج الكويت. الأزمة الكبرى كان يتصدى لها ويصرف على حلها من وبالأموال  الكويتية المودعة والمحفوظة في أرجاء العالم.

أكثر أبناء الأسرة منذ قديم الزمان إلى يومنا هذا يمعنون في التوادد  والتحابب مع بقية المواطنين مما جعلت الكويت تتنعم بالارتباط الأسري المحسود  عليه. فالتزاور حين المرارة و السرارة و التهادي قدر المستطاع و التعاون  يوم الأمن و يوم الخوف و التظاهر لرد البأس و التسابق بالخير و الرحمة؛ كل  ذلك من خصائص الأسرة الموحدة التي تظهر الكويت وضاحة تلمع كما تلمع اللؤلؤة  عند طلالة الهجير. وقد دأب الماضون منهم على ترقيع الفجوة وتضييق الشقة  بينهم وبين العامة من الناس. فجنوا أطيب القطاف من هذا التقارب الممدوح و  قدّم لهم أصدق المشاعر و أكرم الفديات. علينا ألا ننسى أن الأمة الكويتية  كانت تضم من يدعو إلى المجالس الاستشارية في الثلاثينات، فتلك المكرمة على  قدر هذه المعلمة.

القرآن الكريم يهتم كثيرا بالأسر العريقة والذراري الطيبة وبآل  عمران و آل إبراهيم الذين اصطفاهم على العالمين والنبي -إذا صحت الرواية  المعروفة- خيار من خيار من خيار (العرب وقريش وبنو هاشم). هذا يعني أن  الانحدار الأسري يورث الأسفل كثيرا من خيرات الأعلى وخصائصه وقدراته النفسية،  وخلاله وصفاته؛ كما أن العلم أثبت ذلك من تطابع الجينات وتوارثها فالأسرة  العلمية تنبت العلماء والفنية تنشئ الفنانين والحاكمة تربي الحاكمين. كل  ذلك إذا حافظ المرء على هذا التوارث وإلا فهناك الكثيرون من ذرية رسول الله  (ص) -الإنسان الأقرب منزلة عند الله، والأعقل الأعلم الأزكى- وقد فقدوا أكثر أو  كل الصفات المحمدية والهاشمية وحتى القرشية.

فبفرض انتقال الصفات الوراثية فإن الأسرة المنوه عنها من أكرم  وأكفأ الأسر التي تضم من هو مؤهل للحكم وجدير باقتناء أصوات الشعب الكويتي  لممارسة النشاطات التشريعية والتنفيذية.