القضية الفلسطينية

          إن كل حجرة تسقط في فلواتنا وكل سحابة تظلل على رؤوسنا وكل نفس  ينطلق من رئاتنا وكل قطرة دم تجري في أوردتنا، تحمل همّ فلسطين. فهي عروس  العرب ومشكلة المسلمين أجمع. لا يمكن لعربي أن ينسى فلسطين أو يتخلّى عنها؛  وهل هناك مسلم لا يود أن يكون من الذين يدخلون المسجد الأقصى منتصرين  ]وليدخلوا المسجد كما دخلوه أول مرة وليتبّروا ما علوا تتبيرا[ هذا وعد  الله في القرآن ولا رادّ له بتّا.

 

          فالقضية الفلسطينية هي قضية القدس، والقدس قبلتنا الأولى. ما أن شهدنا بنبوة محمد(ص) فإننا قد أسلمنا مع إبراهيم لله رب العالمين. نحن ملة  إبراهيم، هو سمانا المسلمين من قبل. إن نبينا أسري به هناك، وقد بارك الله  حوله. نحن لم نمنع اليهود ولا المسيحيين من زيارة مقدساتهم لكنهم حرمونا من  زيارة مقدساتنا المشتركة فهم لا يستحقون البقاء هناك إلا تحت إمرتنا  وقيادتنا. نحن نريد أن نكثف الدعوة لتحرير فلسطين لكننا ندعو الذين يحبون أن يتطهروا لا اللصوص والمغيرين الذين تذرعوا بـ "الحرب التحريرية المقدسة"  ليتخذوها ]ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله  من قبل وليحلفنّ إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد انهم كاذبون[. وقد أرصدوا  لصدام حسين الذي قتل مليون مسلم بين العراق وإيران، قتل عشرات الآلاف من  الأكراد شيوخا وشبابا ونساء وأطفالا دون رحمة وقتل كل من لم يتأكد من أنه  عديم العزم فاقد الرأي، حتى يطمئن من عدم وجود من يمكن أن يشكل لسلطانه  بعض الخطر. انه قتل الأسرى الذين لم يثبّتوا في سجلات الصليب الأحمر الدولي  بشهادة الذين نجوا من الأسر الغاشم. اسألوهم ليرووا لكم قصة تمتع الجيش  العراقي بقتلهم وجرحهم وخنقهم في مياه الشرب، ثم إرغام بقية الأسرى ليشربوا  من ذلك الحميم وإلا ماتوا عطشا.

 

          إن على الغزاة أن يتوبوا قبل أن يسمح لهم بالتحدث عن خلاصة المسائل  الإسلامية وعن جوهر الوجود العربي. انهم الذين أسسوا بنيانهم ]على شفا جرف  هار فانهار به في نار جهنم والله لا يهدي القوم الظالمين[.

 

ويحكم أيها العرب، إن كنتم لا تدركون مغزى الدعوة إلى تقوية السلطنة  باسم الدعوة إلى الجهاد، وان كانت البساطة قد أخذت بمجامع أذهانكم والضيم  قد أفقدكم النّهى؛ فأصبحتم تتخبطون ملتمسين النجاة من عادم النجاة والنصر  ممن لم يوفق بالنصر.. بل كان دائما حليف الهزيمة والخسران؛ اللهم إلا إذا  سمينا ظلمه على شعبه الذي لم يترك منهم بيتا لم يدخله الحزن على قتيل حرب  أو معدوم انتصارا وبطولة. إن كنتم كذلك فارجعوا إلى غيركم من المسلمين  وأصغوا إليهم وقلدوهم في الاستنكار من أبشع جريمة يقوم بها >مسيلمة القرن  العشرين<.

أما بعض الفلسطينيين الذين ساندوا المعتدي وتجندوا لخدمته أو  استفادوا من السلب والنهب الذي أباحه للمغيرين؛ فإني أشفق عليهم. أشفق  عليهم لأنهم لا أرض لهم ولا حكومة تدافع عنهم. هل الزعامة أو الزعامات  الفلسطينية قادرة على إيوائهم ؟ إن كلا منهم مظلوم أينما وجد، وعلينا أن  ننصرهم ظالمين أو مظلومين. إذا كان هناك فلسطيني ضعيف النفس متبع للهوى،  قد حرم من لذات الدنيا فلم يقو على تمالك نفسه وهو يرى الغنيمة طوع كفه فهو  ضعيف. انه المحروم من مواهب الحياة ولعله ولد في المنفى، في المخيمات  الفقيرة أو في الأكواخ الحسّر، وهو لم يلق منا (أخا ومظلوما) ما كان يتوقعه  من المواساة؛ وقد قيل في المثل العربي: "لا تهن الفقير علّك أن تركع يوما  والدهر قد رفعه". إن هؤلاء الأفراد نفّذوا فينا ردة الفعل. فعلينا أن نتدارك  أخطاءنا أولا ثم نكون كرماء معهم.

إخواني وأخواتي الكويتيين: أنتم اليوم وقد أصابكم مس من التشريد،  على أن حكومتكم قادرة على تكفلكم والدنيا تساعدكم وأكثر العرب يؤازرونكم  ويدافعون عنكم صدقا وحقا؛ فأنتم أولى من غيركم بأن تشعروا وتحسوا ما أبلي  به الشعب الفلسطيني المظلوم. وان رأيتم سوءا من بعضهم فاعتبروها من الهنات  العابرة ولا تتخلوا عنهم فإني أخاف عليكم من غضب ربهم.

إن ربكم الذي تحاربون الغزاة تحت لوائه هو ربهم أيضا فهل  واسيتموهم. إن الكثير منكم من يملك عشرات البيوت؛ فمن منكم قدم بيتا من  بيوته لأسرة فلسطينية معدومة؟ ومن منا دفع نسبة من ماله لخدمة القضية  الفلسطينية؟. إن العدد الكبير -المقدم لهم-  من الأصل الضخم ليس عطاء كبيرا  ولكن النسبة الكبيرة هو عطاء كبير. دعونا نعترف بأخطائنا حتى يغفر الله لنا  فنكون كمن لا ذنب له.