سياستنا الخارجية

مقدمة:

المجتمع الكويتي شريحة صغيرة من المجموعة البشرية الكبيرة، شاءت  لها الأقدار أن تكّون دولة صغيرة وتنفرد ببعض الميزات التي تفصلها عن  جيرانها وتعطيها استقلالية وكيانا. فالكويت في السياسة الدولية لا تملك عبئا  ثقيلا بشريا أو أرضيا. وفى الاستراتيجية الجغرافية، فإن بلدنا ليس ذا أهمية  في الوقت الحاضر،  لكن المخزون النفطي الكبير قد منح الكويت أهمية اقتصادية  كبيرة. ثم إن الأخطاء السياسية التي مارستها الدول المجاورة في المنطقة قد طغت على سياستنا الاستبدادية وأفاضت عليها الاستمرارية لمدة طويلة نسبيا، حتى  جاء الاحتلال العراقي ليهيج الأسرة الدولية ضد العراق، ويحفز الشعوب الغربية  الناظرة إلى الكويت كدولة صغيرة محبة للسلام، غير خائضة في أعماق  الأمور  الاستفزازية العربية والإسلامية كما يراها الغرب. والانظلام أسدل ستارا مؤقتا  على عثراتنا السياسية، مّن الله بها علينا لتحرير وطننا الذي تحقق بفضله  ولطفه.

لكن ماذا بعد الاحتلال؟ العالم يريد أن يعرف سبب الوقوع في مخالب  صدام، وعليه فقد وضع كويتنا اليوم تحت المنظار الدولي المباشر. هذا المنظار لا تستقي المعلومات بالوسائط ليلعب المال دوره المعتاد في تزوير الحقائق  وتفنيد المسائل. بل إن المشاهدات العينية والاستماع إلى مختلف طبقات الشعب  الكويتي تعكس حقيقة نظام الحكم في الكويت لدى أصدقائنا الغربيين. وقد  تقلص تعاطفهم معنا بشكل ملحوظ حتى أن شيئا من التذمر بدا في علاقاتهم معنا  وسيزداد هذا الاشمئزاز حتى يشكل خطرا أمنيا علينا في المستقبل. إن إقناع  شباب الغرب لخوض معركة تحرير مشابهة بات صعبا جدا إن لم يكن مستحيلا  لمواجهة أي اعتداء مماثل علينا غدا. الأوامر العسكرية في الدول الديمقراطية  لا تصدر عن طريق الاستعلاء، كما هو الحال في بلداننا، بل تأتي بعد إقناع الشعب  والجيش بشرعية التحرك العسكري وضرورته واستحقاق من يستفيد منه. صحيح أن  الجيش الأمريكي ينفذ أوامر قادته لكن هؤلاء القادة بدورهم ينفذون الإرادة  الوطنية، والرئيس الأمريكي كذلك،  وإلا أزيح من منصبه كما حصل فعلا للرئيس  نيكسون وفي إنجلترا لرئيسة الوزراء مارجاريت تاتشر. هذا الذي يسند القيادة  الأمريكية ويدعمها ويجعلها قوية مرموقة، لأنها تحمل قوة الأمة وتمثل سلطان  الإرادة الشعبية.

لكن الإمارة عندنا غير منبثقة من الشعب، بل ورث الأبناء سلطة الآباء  والأجداد الأولين الذين هم بدورهم قد تمكنوا منها نظير إخلاصهم للوطن، وخدمتهم  الجادّة لأبناء الوطن وتفانيهم في سبيله. فإذا أرادت السلطة الوراثية  البقاء، فما عليها إلا أن تخطو خطى أولئك الذين أرضوا المواطنين ورضوا عنهم.  وإلا فإن المجتمع المثقف والعصري سوف يواجهها مواجهة لا تحمد عقباها. ونحن  بدورنا نخلص في تقديم النصح  حفاظا على مصالح الوطن وحقنا لدماء إخواننا  وإخوانهم.

ثم إن مجتمعنا المتأثر بالتبريرات الحكومية وبثقافة إعلامنا المنهار  >كالغريق الذي يتشبث بكل حشيش< يخامر قلبه أحيانا مسألة بعض إخواننا  المقيمين الذين يعيشون بيننا في نكد و مضض. أولئك الذين جرتهم الفاقة إلى  بلادنا ليجروا بيننا اختبارا ربانيا مبينا. فتسمع من بعض أعزائي هنا وهناك  كلمات مثل: "مالنا وأصحاب المشاكل، أكلوا خيراتنا وأعطونا جزاءنا، اطردوهم  وخلصونا من شرهم" وغير ذلك مما يرعب العاقل المتفكر من الأعماق ويلهب ضميره  ويؤنب وجدانه. ويحنا! إن عربيا من أجدادنا في القرون الغابرة كان يجيد  التفكر خيرا منا نحن أبناء القرن العشرين إذ يقول:

"لا تهن الفقــــير علك أن       تركع يوما والدهر قد رفعه"

من منطلق الشعور بضرورة المواساة والمؤاخاة مع كل بني ديننا وبني  أبينا، وفي هذا اليوم الذي يئن فيه أتباع المسيح عليه السلام من قسوة الأيام  على سكان فلسطين، وبغض النظر عما صدر من بعض ضعفائهم من ردة الفعل علينا  في أشد أيامنا وأحلكها -فنحن محتاجون إلى مغفرة ربهم وغمضه عن عثراتنا  وهفواتنا-، ومن منطلق الحكمة والعقل وبناء المجتمع الإنساني القادر على  إدارة نفسه بنفسه ودفع المجاعة والعرى وفقدان المأوى عن تلك النفس، ومن  منطلق الاعتراف بحق الآخرين في العيش والسلام، والسعي وراء التوازن بين أفراد  شعبنا والتعاطف مع كل المجتمعات الدولية؛ نبني سياستنا الخارجية على الأسس  التالية:

أولا    :المال من أجل السلام.

ثانيـا  :التوازن من أجل البقاء.

ثالثـا  :الاحترام المتبادل دليل على استقلالنا وشرعيتنا.

رابعـا :مازالت الإرادة الدولية لا تخالف شريعتنا واستقلالنا فهي فوق إرادتنا.

 

وسيكون تطبيق  هذه الأسس عمليا على النهج التالي:-

المنهج:

1)- علاقاتنا مع الدول الخليجية:

كلما ازدادت أوجه المشاركة بيننا وبين دولة ما أو مجموعة من الدول  أو الشعوب لزم معها ازدياد التقرب وتوسيع التضحيات. فالذين يشاركوننا ديننا ولغتنا و خليجنا وعاداتنا وتقاليدنا هم الأقربون حقا، فنحن نشاركهم آلامهم  وأفراحهم ونحاول أن نساويهم حياتهم وثقافتهم ونرفع بيننا وبينهم كل الحوائل  رويدا..رويدا. حتى نندمج معهم موحدين لواءنا وعملتنا ودرعنا العسكري، غير  ملحين على توحيد أوسع من ذلك. فلكل قوم منا طريقته وسنته التي اجتمع عليها  قلوب أفراده وتهنئوا بها في إدارة بلدهم وتوجيه اقتصادهم وقضائهم ونصب  حكامهم وولاة أمرهم.

وعليه فمع أننا غير مستعدين للدخول في حروب ومنازعات السيطرة التي  تحدث بين دول منطقتنا؛ لكننا لا نألو جهدا لدفع الأذى عن المظلوم من دول  وشعوب خليجنا -مادام لم يطالب بالانتقام- بكل إمكاناتنا المالية والبشرية،  سواء كان الظالم دولة أو مجموعة خليجية أو ظالما غريبا. سوف نسعى لتوقيع  بروتوكولات بيننا بهذا الصدد وتجديدها وتوسيع أوجه التعاون فيها شيا فشيا،  سنة بعد سنة.سنجدّ دائما لرأب كل صدع في العمارة الخليجية، والابتعاد عن  الحروب وإيقاف النار بالسرعة الممكنة، إن اشتعلت حرب -لا قدر الله- داعين  أطراف النزاع إلى التضحية في قبول الصلح ما وجدنا له سبيلا، شريطة استعادة كل  الحقوق التي هدرت -خلال الاعتداء أو الحرب- بالتعويضات المتعارفة دوليا، مضحين  بأموالنا وإمكاناتنا لسد النقص لدى الطرف المتأثر كثيرا بالحرب أو الطرف  الأفقر ماليا. متجنبين قطعا وبكل شدة مكافأة المعتدي.

نحن نشعر بأن الفقر وعدم التوازن بيننا هو السبب الرئيسي لاتقاد  الحروب والمنازعات في المنطقة. وعليه فسوف نصرف أموالنا وإمكاناتنا في  تحقيق التوازن الاقتصادي ومكافحة الحرمان والفقر وكل ما يورث الحقد والكراهية  ويشجع الانتقام قبل أن نصرفها في ملذاتنا وعلى أهوائنا وغرائزنا.

 

2)- علاقاتنا مع إيران والعراق:

تأتي بعد ذلك الدول التي تشاركنا مواردنا الاقتصادية وحقول الخليج  البحرية والبرية وديننا. فنحن نتعاون معها للدفاع عن حدودنا المتقاربة  ومياهنا المشتركة ونسعى لمكافحة الفقر والأمية في ذين القطرين وفي تنمية  مواردهما الاقتصادية. ونهتم كثيرا بحماية وتمويل المشاريع التي تؤثر في  أجواء المنطقة الخليجية وتعدل الحرارة والرطوبة فيها وكذلك المشاريع التي  تهم بلادنا استهلاكيا أو تقلل من تكاليف المواد الخام لمصانعنا.

سوف لا نفرق بأي حال من الأحوال بين قوة علاقاتنا مع الدولتين  الكبيرتين والقويتين، ولو أن اللغة في العراق تسهل علينا التفاهم، والثقافة  الديمقراطية في إيران تسهل علينا النقاش لتقارب المبادئ بيننا وبينهم.  لقد دأبت سياستنا في العقود الماضية على تقوية العلاقات مع العراق أحيانا  ومع إيران حينا آخر، لكن النتائج كانت سلبية بالنسبة للكويت بسبب شدة  اقتراب مواقعها الجغرافية. ولذلك يجب الابتعاد عن تلك السياسة دون توقف قبل  أن نجر لأنفسنا كارثة أخرى لا نملك دفعها أو التوقي منها.

لنا مع العراقيين قصة طويلة حول أطماعهم في الكويت فهم يشدون معنا  ويرخون حسبما تدعمهم إمكاناتهم. الفقر المالي والعلمي والجهل بالثقافة  الدولية يشد الشعب البائس حول الحكومات التي تفرض نفسها على العراق بقوة  السلاح وهيمنة العسكر. حكاية الاستيلاء على الكويت تطرب مسامع كل عراقي يكمن  الخفيات في قلبه ضد جاره المتمول. ففي أحلك أيامنا في بداية أغسطس 1990  ذهل سمعي حينما أصيب بتصريحات صبيانية وخطيرة أبداها بعض كبار المعارضة العراقية تأييدا لضم الكويت إلى العراق، حتى أن أحد أشد أعداء صدام تأثر إيجابيا لصالح المجرم حتى تفوه بلفظة "تأييد صدام"!!غير مكتف بمساندة  الاحتلال!!وا أسفاه.

إذن محنتنا معهم لا تنتهي بانتهاء صدام ولا بانتهاء البعث.  سوف يظل كل ناطق في العراق ظانا بأن الكويت خصلة قصت غصبا من فرع العراق  وأن الصلعة الظاهرة على أغصان نبتة الرافدين يمكن أن تجبر بتطعيم الكويت  -بمواردها الغنية- في ساق العراق الأجدب. السعي لإبقاء الضعفاء مسلطين على  العراق -كما هو الحال- سوف يخلق الكراهية منا لدى شعب يهون عليه قتل الآخرين  ونهب أموالهم واستملاك مكاسبهم وسوف تطاوله أيادي الغاصبين الذين يسعون -إن عاجلا أو آجلا- لتحقيق إسرائيل الكبرى فتعم البلوى وليس من يبكي علينا  أو ينوح لمصيبتنا. يجب أن تسعى الكويت لتشكيل حكومة وطنية ائتلافية قوية داخل  العراق ولا تحاول تضعيف البلد الجار وتقليص إمكانيات الدفاع عن النفس  لديه. حتى انهماكهم بالفقر خطر كبير على الكويت، فهم لم يغزونا إلا لما ألمّ  بهم من قلة الزاد وتكاثر الديون. فكيف إذا حلت بهم السغب وآلمهم خلو اليد؟

وليس الباطن هو ما يبدو للعيان من العلاقات مع إيران، فإصرار الإيرانيين على إبقاء اسم الخليج على ما كان عليه قبل عام 1956 بل تشديد بعض  قواد الجيش على إن الخليج فارسي أبدا يرمز إلى تورم تحت قلادة العلاقات  المشتركة فلو لم نتصد لعلاجه قبل فوات الأوان انقلب تدريجيا إلى سرطان لا يزال  إلا بالكي. وهم أيضا في مأزق مالي كبير لا يزول قريبا بل سيبقى ناغصا لعيشهم  شادا على متنفسهم مدة طويلة جدا فعلينا أن نساهم ماليا ودون أذى في دفع  البلاء عنهم حتى نجنب إزارنا قطع النار ولا نحرم من دفاعهم عنا وعدم تعاونهم  مع أعدائنا فاحتياجنا إليهم أكبر بكثير من احتياجهم إلينا وكانت إيران مأوى  آمنا لشعبنا المشرد بعد السعودية وبقية دول الخليج.

 

3)- القضية الفلسطينية:

الفلسطينيون الذين خدموا الكويت وأقاموا فيها عشرات السنين هم  للكويت أقرب منهم لفلسطين، وإذا اعتبروا أنفسهم غرباء عن الكويت فمن قسوتنا  وظلمنا عليهم لأننا نجهل الحدود الشرعية. إن فردا واحدا اليوم يظن بأن من  حقه تقرير مصير أمة بأسرها -ولو أنه خسر كل الوطن بعد الغزو- وكما يقال  >الناس على دين ملوكهم< فإننا نحن أيضا نعتبر حاملي الجنسية الأولى مالكين  للكويت ولما في الكويت. هذه الظنون لا تغني من الحق شيئا، فاتقوا لله يا أيها الكويتيون قبل أن نخسر وطننا آلي الأبد. كان المفروض أن نأخذ العبرة بهذه  القضية المؤلمة حقا، فلما لم نعتبر وجاء الغزو، ازداد الأمل في التبصر  ولمّا.. لذلك فإني -بحكم الضرورة- أذكّركم وإياي ببعض الحقائق لعلنا نخاف  ونخشى.

بعد حوالي نصف قرن من النضال، والفلسطينيون لم يهدؤوا في مطالبتهم  باسترداد فلسطين حتى انشغل أكبر أقطاب الأرض بقضيتهم. تحت الاحتلال وفرض  أقسى المظالم لم يهنأ غالبيتهم بعروض الإقامة التي قدمت إليهم من الدول  الأعضاء في الأمم المتحدة، بل ناضلوا لقضيتهم. أما نحن، فلم يفارقنا المال  داخل الكويت وخارجه إبان المحنة -والحمد لله- وأعيد إلينا الوطن بفضل  المخزون الطبيعي تحت أرضنا دون أن نلاقي ما لاقاه إخواننا الفلسطينيون من  العذاب والعنت، إلا يسيرا.و نحن -فعلا- تحت حماية أعظم دولة في العالم.  اسمحوا لي أن أدعوكم لإحصاء الكويتيين بالتأسيس الذين فضلوا الإقامة في الغرب لأنه أكثر أمنا من الكويت!!

أتيت بهذه الوخزة المؤلمة حتى نعرف نسبة تعلقنا بالكويت مع تعلق  الفلسطينيين بوطنهم. هذه الأمة تعاني من أكبر مشكلة اجتماعية في تاريخ أصحاب  الديانات. ربنا العليم حذّرنا في القرآن من ألدّ خصامنا، اليهود والذين أشركوا. المسلمون واليهود يرغبون في السيطرة على أرض الأنبياء. كانت  العلمانية حلاّ معقولا للعيش المشترك يوم كان المتشددون من الطرفين يرفضون  العلمانية. اليوم مع حائل الدم والقسوة، ازداد التعايش عسرة وتعذرا.  المقررون السياسيون كانوا يشعرون بالتناقض بين الشعبين وبضرورة تحمل أحدهم  مبعثرين في الأرض، ولعلهم كانوا يشعرون بتفوق خطورة الانتشار اليهودي كما  وكيفا. كل هذا إلى جانب المخاوف الأمريكية والغربية من الهيمنة الشيوعية على  البحر الأحمر طوال ما مضى مما أحوجهم إلى شرطي في المنطقة يفصل بين البحرين.  الخوف من النشاطات اليسارية العربية كان أكبر من الإسرائيلية منها. ما ذكرت  وما سمعتموه من غيري أصبحت من حظ اليهود لتقوية كيانهم. لكن استضعاف الشعب  الفلسطيني وعدم الاكتراث بثقافتهم وعلمهم وبما سيكون لهم من شأن قريبا، أمر لا يأتي به الأثقبون سياسة وتدبرا.

اخوتهم الإسلامية معنا وارتفاع نسبة العلم بينهم وقوة إرادتهم وهمتهم دافع قوي لأن نشد في تصعيد العلاقات مع هذا الشعب العظيم. إن واضعي السياسة  في وطننا هم الذين عودونا على مشاهدة ضعف تنبؤهم بالمستقبل. كانوا أياما  قبل سقوط الشاه الإيراني يعادون الثوار الإيرانيين المقبلين على السلطة،  وهكذا أخطئوا نحو العلاقات العراقية. تظاهروا كثيرا بالتعاون مع الفلسطينيين  -رغم عدم جدهم في مساعدتهم- وهم اليوم -والفلسطينيون على أبواب الانتصار  النسبي- يعادونهم بأعذار أوهن من بيت العنكبوت.

 

4)- مع الدول الغربية:

اجتاز أهل الغرب مرحلة صعبة من مراحل التمدن الإنساني، حازوا بها  فضلا وكمالا علينا نحن الذين تخمرنا في برميل التعصب ورفض التطور والتغيير.  انهم كسبوا السبق العلمي وتسنموا مشارف العلياء والمجد. والعلم هو القوة  القاهرة التي تدرج البشرية على قصبة المستويات. كل من نال قسطا أكبر منه،  حقّ له أن يسود الأدنين وأن يقطف ثمار جهده الصحيح والمتفوق. هم كذلك اليوم،  فمحاربتهم -مع ما نحن فيه من جهل وضلال- لا يدرّ علينا ضرع النصر. قصة  المجموعة الخليجية الغنية في أي لقاء مع الصّرح الغربي المتوّج بالعلم هي  قصة الجاهل الغبي الذي ورث مالا كثيرا فأخذته العزة والغرور -بما يملكه من  متاع- بين أهله الذين يفقدون المال ويملكون الخبرة والفضل العلمي. سيبقى  المال بيده أياما يستدرّوه بالأساليب المتعارفة، فيعود النقد في متناول الذي  علم وعمل. إنها سنة الحياة. هذه الأموال التي بيدنا مؤقتة عابرة فنحن بغاة  اللعب والطرب. سوف تعود كلها إلى الذين دفعوه لنا قيمة ما اقترفناه من حكرة  رويدا رويدا.

لكن الغربيين ليسوا قدوة لنا في الحياة، فهم أخطئوا ويخطئون كثيرا  في أسلوب العيش الذي اتخذوه لأنفسهم. انهم يعانون من أغباب أربعة انحرافات  اجتماعية -باعتقادي- ألفوها واستمتعوا بها وهي:-

1-        سوء التعامل مع المرأة، بحيث أرداهم على شفا جرف هار.

2-   تعاطيهم للمسكرات والخمور حتى جردهم من الاتّزان.

 

3-   إقبالهم على لحم الخنزير، ذلك الحيوان الذي يضر في تركيبة خلاياه أنسجة البشر.

4-   مصادقتهم مع الكلب. الحيوان الوفيّ الذي يقدم لصاحبه كل شيء حتى حياته -أحيانا- مقابل ما يلقيه إليه من فضول الطعام. هكذا حلّ  الكلب محل النسل الآدمي الذي يتوقع من مربيه الكثير دون أي مقابل  مادي ملموس.

 

ويعانون أيضا من أدواء نفسية أورثتهم الاضطراب والذعر فهم يظلمون  الآخرين أحيانا لكسب الأمان والاطمئنان لأنفسهم، أو لكسب مزيد من الوقاية غير الضرورية والمكلفة.

مع ملاحظة ما ذكر فلعل أفضل صيغة للعلاقات معهم هي:-

1-  التبادل العلمي والتجاري والصناعي إلى أبعد الحدود.

2-  دعوة الخبراء والفنيين شريطة تهيئة برنامج إعلامي خاص بهم لتعريف أعرافنا الاجتماعية وديننا الحنيف بأسلوب مقبول لديهم، لتكون حافزا لقيامهم بالتحري عن حقائقنا العلمية ودليلا يهديهم إلى كيفية  التعامل معنا والعيش بيننا.

3-  تشجيع المستثمرين الأجانب على إقامة المصانع والمراكز التجارية في الكويت ومنحهم التسهيلات اللازمة (حتى المالية أحيانا) للإقامة بيننا وذلك بغية تكثيف الارتباط معهم وكسب المزيد من حمايتهم.

4-  إبرام الاتفاقيات العسكرية معهم في حدود تبادل المعلومات والأنباء العسكرية وإقامة محطات رادار أو قواعد للطائرات الاستكشافية ولأجهزة الإنذار المبكر في الكويت وكذلك تزويدنا بأحدث أسلحة الدفاع وصد العدوان وتدريب قواتنا المسلحة. أما اتفاقية الدفاع المشترك فهي ليست ذات معنى لصالح الغرب إلا إذا شملت الحروب، ولا مصلحة  لنا في منح التسهيلات الحربية للغرب. فإذا وافقوا على الدفاع عنا  مقابل التسهيلات والامتيازات التجارية والاقتصادية فبها ونعمت وإلا  فنحن لسنا في حالة تقبل التورط داخل القضايا الكبيرة ذات الاهتمام الأمريكي أو الغربي ولسنا مستعمرة لأية دولة كبيرة.

5-  نحن مع الغرب في كل ما تشرعه المنظمة الدولية، عدا ما يتنافى مع ديننا أو استقلالنا، حيث سنبدي المقاومة الممكنة بلا حدود. نريد أن نبقى مسلمين وتبقى الكويت لنا. لذلك فإن المنظمة الدولية ستكون مرجعنا المقبول لحسم أي خلاف بيننا وبينهم ولتشجيع كثير من النشاطات المشتركة وإياهم. فيما عدا ذلك فإن المصالح المشتركة أو المتوازية هي الدافع الحقيقي لأي تحرك سلبي أو إيجابي ضد أو مع أية دولة غربية. سيتم التقييم المالي -ولو بالتخمين- لكل الاتفاقيات  معهم بدقة كاملة قبل ممارسة أي إجراء إعلامي أو.... أو نهائي.

6-  بالنسبة للقضايا الخليجية والإسلامية والعربية فإننا سنقف جهد الإمكان معهم لامع الغرب، إلا إذا تنافت مع مصالحنا الوطنية العليا أو مع ديننا أو استقلالنا؛ إذ ذاك فإننا سوف نتعاون مع الغرب دون قيد أو شرط حتى يزول التنافي بيننا وبين إخواننا. سوف نعتذر من أصدقائنا الغربيين في الدخول طرفهم في منازعاتهم مع إخواننا بل سنقف  مع إخواننا إن مكنتنا الظروف وقوينا على تنفيذ رغباتنا وإبراز ودّنا  لمن نهواه، وإلا فإننا >لا ننفخ في غير ضرم<.

7-  نهتم بتعريف بعض معالمنا وعاداتنا وسننا لشعوب الدول الصديقة فبذلك تتذلل لنا صعوبات وكلف الإقامة بينهم ويشعرون ويهتمون بنا أكثر من ذي قبل. علينا أن نخلق الجو الثقافي المشترك حتى تتوسع الشعور بالدفء بيننا ونزداد قربا وتخالطا؛ إذ ذاك يتغير منطق التعاون بيننا متجاوزا طيف المادة والمال إلى ردهات المحبة والفن  والعلم وكل ما يثلج النفس.

 

5)- مع بقية دول العالم:

التطور الصناعي في عصرنا حوّل البشرية اليوم إلى شبكة الأسرة  الواحدة، فلا يمكن تجاهل أية مجموعة بشرية صغيرة أو كبيرة داخل الأرض. أضف  أننا مسلمون ومؤمنون بالله، لا يسعنا أن نترف على مجاعة الآخرين. لقد سمعنا ووعينا أنه #]ما متّع غنيّ إلا بما جاع به فقير[. لذلك فإننا سوف نسعى  لتوثيق العلاقات مع كل دول العالم -كبيرها وصغيرها، غنيها وفقيرها- على  أساس الاحترام المتبادل، يليه المصالح المشتركة، لكننا نتساهل في تفسير  المصالح ونصبر لتحققها.

كانت الكويت محمية لا يعبأ بها في شمال الخليج قبل خمسة عقود، واليوم  -بفضل احتكار النفط- تحولت إلى ذات شهرة وصيت. من يعرف مستقبل السودانيين إذا تعلموا استغلال المياه والأرض ثم استغلال النباتات التي لم تتفاعل ذواتها مع الكيماويات؟ لكل بقعة مقوماتها الطبيعية القابلة للاستثمار والتنامي إذا  عرفوا الأوجه الصحيحة لاستغلالها، وان شئت قل: إذا قدر الله لهم ذلك. الغربيون  مع إحاطتهم العلمية والتكنولوجية ومع استعدادهم للظلم -نسبيا- لم يقووا على  منع دول الاوبك من التمتع بالمزايا الاحتكارية، بل ارتفعت الأرصدة العربية في  بنوك العالم بحيث سبب لهم الرعب والفزع! فلا نغتر بما قدر لنا من مال مؤقت.

لعل الخير في تواجدنا الفعلي في كل دول العالم لنكسب مزيدا من  الشهرة الدولية ونكوّن لكويتنا رصيدا معنويا لدى أقوياء المستقبل، فالقدرة  تدور بين الشعوب دون أن تتوقف في منطقة واحدة أو تبقى لدى أفراد معلومين.  هذه سنة الكون ولا تعلم نفس ماذا تكسب غدا.

 

6)- عضويتنا في المنظمة الدولية:

هيئة الأمم المتحدة هي مجمع دولي لتقريب الأفكار والتخلص من التطرف،  لكن القوة والقدرة لا يمكن تجاهلها أنى كانت. طبيعي أن تستحوذ القوى الكبرى  على المنظمة الدولية نظرا لسيطرتها على المتغيرات. ليست المنظمة مكانا  لتقليص شأن الأقوياء بل هي منتجع يقصده أقطاب الأرض طلبا للتفاهم. لا يمكن  للعدل أن يستقيم من تلقاء نفسه بل هو قطاف سيوف الحق والواقع. فإذا أردنا  العدل طلبناه من ضفاف القوة المالية أو العسكرية أو القانونية أحيانا. إن  لم نملك المال والسلاح فعلينا استغلال تناقضات المصالح ودفع الدول القوية  ببعضها البعض، وذلك في منتهى الصعوبة لكنه ممكن لأهله. نحن في الشرق لازال  حكامنا يربتون ظهور مواطنيهم ليسكتوا على جرائمهم داخل الأوطان ويحفزون  العالم المتحضر لتأييد حقوق الشعوب العادلة. هل هناك ديمقراطية صحيحة في  بلادنا وهل هناك برلمان حقيقي في هذه الأمصار، ثم هل لدينا قدرة عسكرية نباري  بها الأقوياء أم عقل سياسي يحسن استعمال أموالنا في تصويب الرأي العام  العالمي ضد أعدائنا، أم هل من ثروة تهيمن عليها إرادة شعوبنا؟ كلا لا لا لا. 

الذين يتحدثون باسمنا لا يحملون أصوات شعوبهم ولذلك فهم ضعفاء في منظمة تهتم  بالتمثيل البشري وتنادي بالعدالة بين أبناء آدم. إذا حقق زعماؤنا انتصارا  دوليا في مجمع الأمم فهو -بلا شك- يخفي مكاسب أجنبية لصالح الدول الكبرى التي  تساند هذه الزعماء صونا لمصالحها أو اختلافا سياسيا أوقعه الله بينهم  لنستفيد نحن الضعفاء من نتاج تخاصمهم. إن لم يكن هذا الانتصار شكلا خياليا  أوهمنا النصر لتغذية إعلامنا وتهدئة جيشان صدورنا. المح القرار 242 الذي  أصدره مجلس الأمن لصالح العرب ولاحظ مدى تفاعله مع الأمر الواقع.

ما من شك أن القوة السياسية المنبثقة من صميم الشعب تلج المنظمة  الدولية وتهز عرنين مجلس الأمن. أتمنى أن يشد الكويتيون بكل ما أوتوا من  قوة و ما وافتهم من فرص وحظوظ لتثبيت الديمقراطية الحقيقية في بلدنا  الصغير حتى نري شعوب المنطقة معنى عضوية هيئة الأمم. سيكون لنا دور دولي  كبير تحت ظلال الديمقراطية حتى بالنسبة للقضايا العربية. المنظمة الدولية  مكان ملائم لانتزاع الحق من الظالم بقوة المنطق وإسناد الخلفيات السياسية  والوطنية الداعمة. أوصي بتكثيف الارتباط مع هذه المنظمة والالتزام بقراراتها  فهي لا تضرنا إن كنا أقوياء وإلا فالتزام الضعيف بقرارات الأقوياء لا يثبت له  حقا في ميزان التراجح كما يشهد بذلك التاريخ عموما وتاريخ المنظمة نفسها  بشكل خاص.

 

7)- الجامعة العربية والإسلامية وعدم الانحياز:

أثبتت التحركات الدولية المتزامنة والمتعاقبة لحرب الخليج أن القوة الحقيقية تكمن وراء التمثيل الديمقراطي للشعوب وبما أن أعضاء التنظيمات العربية والإسلامية ودول عدم الانحياز قلما يتحلون بالديمقراطية فإنهم ليسوا مؤهلين لمنح الدفع الكافي لقضاياهم. أليس التجاؤنا لحل قضية الكويت الكبرى  علامة قوية على ضعف منظماتنا الخاصة. الجامعة العربية عجزت عن حل مشكلة غزو الكويت التي وقعت بين عضوين من أعضائها والمؤتمر الإسلامي ومؤتمر عدم الانحياز  وهنا أمام الحرب الإيرانية العراقية التي اندلعت واستمرت بين عضوين من أعضائهما. لذلك فلا يمكن لدولة صغيرة مثل الكويت أن تركن إليهم. لكننا بصدد إصلاح وتقوية منظماتنا ومؤتمراتنا سوف نجد في أن نكون نشطين داخل هذه  المجالس. بغير هذا الأسلوب فإننا سنخسر مساندتهم لنا في قضايانا الخاصة.  سنهتم كثيرا بتنشيط منظماتنا باعتبارهم أقرب من غيرهم إلينا وهم أولى  بالمعروف. نتطلع بحرص إلى اليوم الذي تتحرر دولنا من قيود الاستبداد فتعود  قدرة الإسلام إلى المسلمين وتتجلى أمجادنا التي نعتز بها في واجهة القرن  الحادي والعشرين بمشيئة الرحمن.

لقد عاد الإسلام غريبا كما بدأ فأضحى منسيا إلا إذا احمرّ البأس احتمينا بالإسلام حتى تزول الشدة وحسبنا. زعماؤنا يطلبونه إذا غمرهم الخوف أو أجهز عليهم أعمالهم وما قدمت يداهم. حتى القتلة والمغيرون ينادون وا إسلاماه إذا لانت أنيابهم التي اعتادت أن تعضض أجسام شعوبهم ورعاياهم أو عجزوا عن الاحتفاظ بمسروقاتهم من الأموال والأوطان. المستبدون في أوطاننا يتشبثون  بالإسلام لتثبيت الديكتاتورية والانفراد بالسلطة. انهم يضعون أنفسهم موضع  الأنبياء الذين عصمهم الله من الزلل والخطأ كما قال سيدنا يوسف عليه السلام:  ]ما كان لنا أن نشرك بالله من شيء ذلك من فضل الله علينا وعلى الناس ولكن  أكثر الناس لا يشكرون[. نبينا بدوره كان يستشير أمته بأمر من الله وهو في  غنى عن ذلك لارتباطه بالسميع العليم. وحكامنا أيضا يرتبطون ارتباطا وثيقا بأحبارهم وبرهبانهم الذين صنعوهم لأنفسهم ليتخذوهم أربابا من دون الله!  ويرتبطون ارتباطا أقوى وأشد بأهوائهم التي يعبدونها كما نعبد نحن الله  تعالى. ألا ليتنا نعود للإسلام بحق وصدق ونحتمي بحماه الذي صدّ عنه نوايا  المعتدين فلا نذل أمام أعداء الله الذين باءوا بغضب منه لكنهم يسودوننا  اليوم ويستهينون بنا.

 

اللغة الدولية:

نحن شعب صغير نلتمس القوة من إدراك حقنا وصحة مطالباتنا. كل خطأ  في تعاملنا مع العالم يكلفنا ثمنا باهضا، وتكرار الأخطاء يقضي على استقلالنا  وسيادتنا. علينا بأن نعرف قدرنا في المجتمع الدولي فلا نتدخل في مالا يعنينا  من شؤون الذين ظلموا أنفسهم. كان لزاما علينا تعلم اللغة الدولية لتفادي ما  حل بنا وما أصابنا من آلام، واليوم بعد أن أرتنا الأيام قسوتها فلنهتم  بالتعرف على لغة الأمم ونتجنب تكرار الأخطاء. لأفتح أمام المواطن الكويتي  نافذة دولية بادرت فيما يلي بترجمة بعض التعابير العامة بلغة العصر حسب  فهمي القاصر والعبرة بما يجود به كبار المعلقين والمحللين السياسيين في  بلادنا. أردت بذلك التلميح ببعض ما يمكن أن يتصوره حكامنا وشعبنا من ظاهر  ما ينطق به الأسرة الدولية فيغوصون في ظلمات الإبهام ويتخذون مواقف لا جدوى  منها إن لم يكن بها ضير.

 

 

المصداقية حسب تصورنا

المصداقية الدولية

الموضوع (المفهوم)

مجلس الديمقراطية أو

منبر تشريع ومباركة

هيئة الأمم المتحدة

البرلمان الدولي

الإمكانات والقدرات

 

محكمة العدل العالمية

مركز مباريات القوات الدولية

مجلس الأمن

لقب النبلاء والشرفاء

وظيفة وكلاء الشعب

القيادة

أجير تنفيذ رغبات الحاكم

المتطوع لخدمة الشعب

الشرطي والجندي

ضريبة الإقامة في الوطن

دفاع الإنسان عن نفسه وعما

الخدمة العسكرية

 

يهواه

 

علامة الظلم

حق القوة

حق النقض الدولي (الفيتو)

شرف الإنسان وعظمته

وسيلة رغد العيش

المال

الإضافة اللازمة لتحقيق لقب

أصحاب الحق الأصليون

الأمة

الإمامة والملك

 

 

وجود البرلمان

سيادة الشعب

الديمقراطية

بوق الدعاية الحكومية

وسيلة النشر

الإذاعة

وسيلة تشرف الشعب برؤية

المحكمة الشعبية للسلطة

المقابلات التلفزيونية

أصحاب الفضل والمنعمين

التنفيذية

 

واجب الشعب تجاه الحاكمين

واجب الحاكم تجاه الشعب

حسن الظن

وكل المقربين منهم

 

 

جهاز التخدير

آلة ترويض النفس

الموسيقى

أماكن تربية الموالي

مراكز بناء المستقبل

المدارس

مسكن الشرفاء

متحف الأشرار والجائرين

القصر

أمل الأمة

وسيلة راحة الإنسان

الصناعة

الموت جوعا

الشعور بالنقص

البطالة

حق الكبير على الصغير

مهزلة الممثلين الكوميديين

الكبرياء

بطاقة الولاء للأمير

هوية تشخيص الفرد

شهادة الجنسية

تنفيذ إرادة الحاكم

وضع الشيئ في محله

العدالة