الموافقون مع الاحتلال

تنص التشريعات السماوية على أن الأرض لمن أحياها فالمالك الحقيقي  هو الله وهو لم يقسم الأرض تقسيما جغرافيا منصوصا عليه في ما أنزله على  الرسل الكرام .. ومنذ نصف قرن ومن بيدهم الأراضي.. الذين يعرفون بـ  "المواطنين"، يستعيدون سيطرتهم الكاملة بطرد الاستعمار. أو أن أقطاب  الاستعمار بأنفسهم يتخلّون عن السلطة في مستعمراتهم؛ فالاستقلال حرر الهند من  قيد الاستعمار البريطاني الذي حكم البلاد مئات السنين وحرر الدول الأفريقية  والأسيوية الأخرى. حتى أن الحماية البريطانية قد أنهيت كما هو الحال لدولة  الكويت. والاستعمار كما هو واضح من اسمه، يعمر الأرض ويثقف أهلها ويفتح  عليهم أبواب المعمورة ويمنح القاطنين جوازات السفر باسم المستعمر، ليسهل  على المواطن سفر الأقاصي؛ ويقوم بالتنظيم وتعمير المدن وتبليط الشوارع  وإدارة المرافق الحيوية. لقد خلّف الاستعمار في سوريا نظام الذاتية وتسجيل  النفوس. وخلّفوا في الدول الخليجية البنوك والأجهزة السلكية واللاسلكية.  وخلّفوا في أكثر الأمصار نظام التجنيد والبوليس وغير ذلك .

إذا كان العراق - كما يدعي - قد بعث موظفين إلى قرية كاظمة  بالكويت؛ فالعراق بنفسه كان في ذلك اليوم ولاية تركية ثم تحولت إلى مستعمرة  بريطانية حتى قيام ثورة الرارنجية أو ثورة العشرين.

ثم ماذا فعل العراق في الكويت؛ وقد كان الكويتيون إبان المقاومة  العراقية ضد الإنجليز، منهمكين في بناء سور الكويت؛ فهل اشترك في بناء السور  موظف عراقي ؟ (والعراق كانت على فوهة بركان في تلك السنة). ليس هناك أية  وثيقة تدل على قيام العراقيين بخدمة استعمارية داخل الأراضي الكويتية حتى  حين انفعاله أمام التولية التركية أو الاستعمار البريطاني.

إذا كانت الحكومة السوفيتية العظمى (سابقا) والتي غزت - في عصرنا  - قبل عقود تشيكوسلوفاكيا واجتاحت أفغانستان؛ قد غيرت أسلوبها تماما خلال  السنوات القليلة الماضية وأضحت تمارس الأسس الديمقراطية مع جمهورياتها  بشأن مزيد من الحكم الذاتي؛ فكيف بالعراق تقوم - غزوا- بفرض سيطرتها على  دولة مستقلة ذات سيادة رغم أنف شعبها وحكومتها بحجج واهية لا أساس لها في  مستهل العقد الأخير من القرن العشرين. والأتعس من ذلك تأييد بعض العرب لهذا  الغزو؛ ونحن مع احترامنا لهؤلاء الشعوب والحكومات العربية، ومع تندي جبيننا  خجلا واستحياء أمام الأمم التي تقدمت على العرب باستنكار هذا التحدي السافر  للمواثيق الإنسانية كلها.. مذهبية وسياسية وأخلاقية، ومع تجرعنا الشجون التي  أسالت الدم من كواحلنا؛ مع كل هذا نرجو بكل خضوع من هؤلاء الاخوة أن يتفكروا  ساعة في ما هم عليه ، عسى أن يهديهم الهادي الرحمن، فيعرفوا سوء العار الذي  وصموا به جبين العرب وهم يؤيدون الاحتلال. وكان توقعنا أن يكونوا الرعيل  لتأديب الغزاة. وأذكّرهم بخير ما قيل في الإغارة على المسلمين قول الإمام علي  بعد أن شن معاوية الغارة على أهل الأنبار: #]وهذا أخو غامد قد وردت خيله  الأنبار وقد قتل حسان بن حسان البكري، وأزال خيلكم عن مسالحها، وقد بلغني أن  الرجل منهم كان يدخل على المرأة المسلمة والأخرى المعاهدة فينتزع حجلها  وقلبها وقلائدها ورعاثها؛ ما تمتنع منه إلا بالاسترجاع والاسترحام. ثم انصرفوا  وافرين. ما نال رجلا منهم كلم ولا أريق لهم دم؛ فلو أن امرأ مسلما مات من بعد  هذا أسفا ما كان به ملوما بل كان به عندي جديرا[.

أيها الأخوة العرب: هكذا كان أجدادنا وأئمتنا يتألمون من الإغارة على  المسلم وغير المسلم. فالمرأة المعاهدة هي المرأة غير المسلمة، في ذمة حكومة  المسلمين، والمغيرون هم أصحاب معاوية (المسلمون !).و الإمام علي  يرى الموت  أسفا جديرا بالإنسان؛ فكيف بكم تؤيدون الغارة على بلد لم يتوطن فيه من غير  المسلمين إلا النزر اليسير فالكويتيون غير المسلمين أقل من 1% من السكان .  تفكروا و لا تجلبوا غضب الله عليكم واعلموا أن من أقنعكم بهذا فقد خادعكم  وكذب عليكم. انه يبحث عن المكاسب دون أن يتقيد بأية شرعية. ألا ترونه ينهب  ويسرق أموال الناس؟ وإذا كان يعتقد بأن الكويت جزء من العراق، فلم لم يكتف  بفرض سلطانه السياسي وإجراء الحكم العراقي في البلاد، بل تعداه إلى تملّك  كل الأموال العامة والخاصة؟ هل يجوز للحكومة أن تسرق أموال شعبها؟ ويحكم،  هبلتكم الهبول، تحلّلون ما حرم الله من أموال الناس ودمائهم علنا وجهرا.  تبّا لهذا التجرؤ على الله، أأمنتم مكر الله وبأسه وأنتم تتعاونون على  الإثم والطغيان وقول الإفك والزور ؟!

بالله عليكم.. ارجعوا قبل أن يصيبكم غضب الرحمن ويحيط بكم كيد خير  الماكرين. ألا ترونه يستبيح الحرمات في الشهر الحرام وذلك كبير وصدّ عن سبيل  الله؟!

اللهم اهدهم واهدنا طريقك المستقيم وأنر قلوبنا بنور الهدى  والرشاد.