اللـه  جل جلاله

 

مفهوم اسم "الله" جل جلاله

 

لا ريب أن مجموعة الخلق العظيم والمتنوع تسير سيرا باتجاه غير مادي وغير قابل للتعبير عنه ضمن الجهات الأربعة المعروفة لعيوننا نحن البشر. ولولا ذلك لاصطدمت ببعضها البعض وما بقيت لحظة واحدة. إنها تسير باتجاه غير مادي في حين أنها تسير سيرا ماديا. ذلك لأن السير المادي سير مقصود ومرسوم بإرادة جازمة تسبق حركة كل شيء لحظة بلحظة ولولا تلك الإرادة الصارمة لما تحرك شيء داخل منظومة الكون المهيب. ونقصد بالحركة كل تغيير مكاني أو زماني، كمي أو كيفي. فكل شيء في الكون في معرض تغيير المكان والتأثر بالزمان وعرضة للتكاثر وللتطور، ولكن بإرادة محيطة بكل أجزائها ومراقبة مترصدة لها ليعلم المراقب الراصد أنها سارت في فلكها ضمن الخطة المرسومة لها. فكل هذه الحركات تعبر عن انفعال الموجود الممكن للذي أوجدها واستوى على كيانها وهيمن على كل تغيير في شؤونها.

 

هذا الانفعال هو الخضوع الكامل للإرادة الجازمة التي تكيل كل شيء صغير بالمكيال الذي تكيل به الشيء الكبير. والخضوع إما طوعي أو كرهي وكلاهما خضوع وسجود وتنزيه للمريد المختار من كل ند أو شريك. والخضوع الطوعي هو ما نراه فعلا في كل أرجاء المعمورة. والرؤية فكرية طبعا إذ لا يمكن للعين المجردة أو المسلحة أن تنظر إلى الآفاق البعيدة؛ هنالك سوف ينقلب إلينا البصر خاسئا وهو حسير. فكل ما في الوجود من مواد مركبة مثل النجوم والأراضي أو موجودات طاقوية مثل الملائكة والأرواح خاضعة طوعا إذ لا داعي لها للتكبر عن أوامر المولى جل وعلا. وبقية الموجودات مثل البشر والجن وما يشابههما في بقية الأنظمة الشمسية وفي سائر المجرات فهي بموادها وتركيباتها وحتى بعناصر نفوسها وأرواحها فهي طائعة أيضا كما نرى نحن ونحس فعلا. هناك قدر يسير من الإرادة لدى الجن والإنس بغية اختبارهما وهما بهذا القدر مختاران في الخضوع أو عدم الانصياع. وعدم الانصياع هذا لا يؤثر إطلاقا في سياسة الله تعالى في عبيده وما يحويهم بل إنهم في الواقع ينفذون إرادة الجبار التكوينية حينما يقومون بعمل ضد بني جنسهم أو ضد الأرض. وهؤلاء فهم ضمن اختيارهم يُجبَرون أحيانا لترك إرادتهم إذا كانت تلك متعارضة مع السياسة العامة لله تعالى.

 

من هنا نعرف بأن الممكن المختار من الجن والإنس فهو لا يفعل شيئا ولا يأتي بإثم إلا وهو سائر ضمن السياسة العامة للجبار العظيم فهو في عمله المخالف لتشريع ربه منقاد لإرادة الخالق التكوينية. وحتى لا يتيه القارئ الكريم فإن تلك الإرادة التكوينية سائرة على طول إرادة الذي ينوي الإتيان بالإثم، لا على عرضها. ولذلك فإن الإثم واقع لا محالة لأن العاصي نوى وقصد واستعد للفعل وأراد الله ذلك لسبب معلوم لديه سبحانه، والعاصي معرض للعقاب وسوف نشرحه في مكانه مستقبلا بإذن الله تعالى. فالله تعالى يدير شؤون الكون بنفسه وكل من يفعل شيئا فهو ضمن سياسته العليا لا في عرضها كما أنه سبحانه لا يُجبر أحدا من الجن والإنس بأن يقوم بعمل يتعرض معه للجزاء إن خيرا أو شرا. لكنه تعالى يجبره على عدم الإتيان بعمل إن كان ذلك مخالفا للسياسة العليا لصاحب الملكوت جل جلاله. ولعله يحاسبه على نيته ولو لم يعمل كما اعتبر اليهود قتلة للأنبياء في حين أنهم لم يقووا فعلا ولن يقوى أحد على قتل الأنبياء إطلاقا. إنما آباؤهم نووا قتل المسيح وساروا في الطريق بكل اهتمام وإصرار ورضوا بالذي حصل ولو أن الذي حصل قد شبه لهم، كما سنعرف في مكانه.

 

فالألوهية والإخضاع سارية في كل شيء إن طوعا أو كرها. وسوف نعرف معنى الألوهية أكثر وأكثر خلال التفسير لا سيما حين مرورنا بآية الكرسي في نهاية سورة البقرة بإذن الله تعالى. وأما كيفية الارتباط بين الخالق والخلق، وحتى نقترب منه قليلا، دعنا نفكر في ارتباط النفس بالبدن. إن النفس التي تمثل حقيقتنا بكل مكتسباتنا التي تدفعنا نحو الجزاء إن خيرا أو شرا، فهي موجود غير مادي دون شك. نحن نشعر وجدانا بأن النفس موجودة وحاكمة على البدن وهي غير الإرادة التي هي من أفعال النفس وليست من أفعال البدن. وسنتحدث كثيرا عن النفس في المستقبل إنشاء الرحمن سبحانه، حتى يعلم من يشك فيها. وما من شك أن النفس هي التي تغادر البدن فتبدأ الأجهزة البدنية بالتفكك والموت بعد غياب النفس التي تحكمها. وليس هناك من رأى شيئا بعينيه أو سمع أو شم شيئا جديدا حين الموت. فالنفس تغادر البدن لانتفاء آثارها كما أنها غير محسوس ماديا وهي تتحكم حين الحياة بكل البدن وإلى حد كبير. وكل ما قيل عن تناقص الوزن عدة غرامات بعد الموت فهي غير قابلة للاستدلال وغير دقيقة.

 

هذه النفس غير المادية والخارجة عن حيز الأبعاد الثلاثة على أقل تقدير مرتبطة فترة الحياة بالبدن ارتباطا وثيقا ومسيطرة عليه. ناهيك عن ارتباط الملائكة بالبدن وبالنفس وهكذا يتمكن الشياطين وهم من الجن في تفعيل الوسواس داخل النفس وكل أولئك خارجون عن الأبعاد الثلاثة. فالنفس والملائكة والجن يتعاملون مع الإنسان وهن غير ماديات فلا ضير أن يتعامل البدن والنفس مع الموجودات غير المادية. ذلك لأن الموجودات المذكورة موجودات طاقوية والطاقة تنفذ في المادة وتؤثر فيها تأثيرا بليغا. والإشعاعات الطاقوية تتعامل مع بعضها البعض بكل سهولة كما نراها في الكمبيوتر وفي كل الأجهزة الإلكترونية. كما أن الطاقة القوية تسيطر على الطاقة الضعيفة. هذه المسألة ثابتة علميا ونكتفي بدليل واحد.

 

هناك في الكون بعض النجوم الكبيرة التي ماتت وهوت ثم تحولت الكتلة إلى جسم صغير نسبيا ولكن مليء بالطاقة التي تفوق ما في النجوم الحية من طاقة. هناك تتحول الكتلة إلى موجود أسود قاتم من شدة تراكم الطاقة فيها وتسمى بالثقوب السوداء (Black Wholes) شديدة الجاذبية. ونحن نعلم من جانب آخر بأن النور يحتفظ باستقامته فلا يمكن تعويجه. ولكن المشاهدات العلمية بالآلة أثبتت بأن النور ينعوج إذا ما مر بطريقة من أمام إحدى هذه الثقوب السوداء. وهذا دليل واضح بأن الطاقة القوية الموجودة داخل الثقب الأسود سيطرت على الحزمة النورية التي تسير بسرعة 300000كيلومتر في الثانية وتمكنت من جذبها قليلا والتأثير فيها. وهذا دليل كاف على ثبوت الغلبة لطاقة ما على الطاقات الأخرى. فلا ضير بأن تكون في الوجود طاقة تسيطر على كل طاقات الوجود.

 

وليس سهلا أن نتصور أو نحسب درجة تفوق تلك الطاقة على بقية أنواع الطاقة، بل هو محال لنا نحن. نحن الذين لا نكاد نشعر بتلك الطاقة فكيف نتعرف على كيفيتها ونقوم بمحاسبتها. الوجدان والضمير الحي يرشداننا إلى تلك الطاقة المسيطرة على كل الكون وعلى أنها خارج حدود الزمان والمكان. ولولا ذلك لما استقر للكون قرار كما سنعرف في أبحاثنا المقبلة بمشيئة الله تعالى. بهذه المقدمة البسيطة نتمكن من تصور طاقة قوية تفوق كل طاقات الكون وتهيمن عليها بقوة كبيرة جدا. ولو نحلل الكون المهيب برمته لنصل إلى بدايته ثم نحلله لنصل إلى أعمق أعماقه فسوف لن نصل إلى أي وجود مادي تبدأ به منظومة الكون كما لا يمكن أن نصل إلى أية ذرة مادية تستقر في أسفل كل الجزيئات المكونة لكل ما في الوجود من مادة. ناهيك عن الموجودات غير المادية حسب تعبيرنا والتي نشعر بها وجدانا مثل الملائكة والجن.

 

ذلك لأن تصور أية مادة وهي الموجود التي تحتاج في ماهيتها إلى المكان والزمان وإلى العناصر التي تركب كيانها فهي ليست النهاية الحقيقية للنظر والتطلع إلى البداية الحقيقية. يجب أن نصل إلى موجود أقوى من المادة وغير محتاج للزمان والمكان الماديين فعلا. والزمان والمكان ماديان لأنهما محتاجان إلى الكواكب والفضاء في تحققهما حتى ولو احتاجت إليهما الملائكة والجن. تلك البداية هي طاقة تفوق كل الطاقات قوة بنسبة تفوق منظومة النسب المتعارفة بيننا. ولولا ذلك لكان كل ما في الكون متصفا بالوجوب في حين أنها غير واجبة فعلا بل في معرض الموت والفناء. هذه النسبة تفوق محاسبتنا لأن كل المحاسبات تدور حول مسألة النسبية ولا نسبة للحساب بين الوجود الأولي المهيمن وبين بقية الموجودات. فهو مسيطر على الوجود دون الحاجة إلى السير بيد أن كل ما في الوجود غير الواجب بمن فيهم الملائكة تخضع لقانون الحركة وتسير بسرعات يمكن تحديدها ولو لم نتعرف عليها بعد.

 

لو لم يكن ذلك الوجود المهيمن مسيطرا فعلا على كل مكونات الموجودات المادية وكل حركاتها وأفعالها لانهار الكون برمته لأنها جميعا متماسكة بقوة نسميها الجاذبية وهي لا تزداد ولا تتقلص إلا بقدر وزن الكتل الموجودة. هذه الكتل التي تسير بسرعات متفاوتة وتتعرض لحرارة غير موحدة بل تخضع لمدى كبير جدا مابين أدنى درجات الإنجماد إلى عشرات الملايين من الدرجات المئوية. فالكون بتكوينه في معرض الفناء كل لحظة في حين أننا نعلم بأنها سارت أكثر من عشرة بلايين سنة منذ الانفجار الكوني تحت السيطرة. ولنعم ما وضحه لنا ربنا الكريم في كتابه: لا تأخذه سنة ولا نوم، له ما في السماوات وما في الأرض. حقا كيف يغفل من يمسك بزمام هذا الكون المترامي المهيب والمركب من جزيئات صغيرة غير مادية تفوق الحصر والعدد فعلا؟

 

لا يمكن لنا وصف الارتباط بالخالق بأي تعبير زماني لأن الزمان يحول دون الهيمنة الدائمة ويعرض الكون للفناء،كما لا يمكن وصف ذلك بالتعبير المكاني لأن المكان يحول دون العدل والتساوي في النيل من الربوبية فتتعرض الموجودات للزوال أيضا بعامل الظلم. وليس الله تعالى بذاته الكريمة قابل للحلول في خلقه والعياذ بالله لأن ذلك يستلزم المشاركة بين الخالق والمخلوق كما يستلزم تحديد الله تعالى بخلقه. وحتى نعرف هذا الارتباط بالضبط فإننا بحاجة إلى أن نخرج من حيز الزمان والمكان اللذان يلازماننا دائما وأينما كنا وهو محال أيضا، إذ أن الزمان بعد من أبعادنا الفعلية فكلنا بدأنا و سننتهي أو نكاد إلا أن يشاء الله تعالى أن يديم بقاءنا كما وعد سبحانه.

 

كلما نعرفه عن هذا الارتباط هو ما قاله الله تعالى نفسه في سورة النور: الله نور السماوات والأرض. ففي هذه الآية يضع الله تعالى نفسه موضع النور لأنه هو نور فعلا ولكن غير ما يمكننا التعرف على حقيقته أو بعض حقيقته من نور، فهو تعالى ليس كمثله شيء. وليس النور هو الضياء كما تصوره بعض المفسرين حفظهم الله تعالى بل هو الطاقة بحق. ويمكن للقارئ المتتبع أن يمر على كل مكان ورد فيه كلمة النور في الكتاب المنزل ويفسرها بالطاقة ليرى انسجام المعنى مع كل تلك الآيات، بيد أن الضياء لا تنسجم مع كلها. ويمكننا تصور هذا النور إذا فكرنا في عين تابعة لكاميرا إشعاعية تبث بإشعاعاتها في محيط محدود أمامه لغرض التعرف على كل حركة داخل ذلك المحيط. سوف يحتفظ هذه الكاميرا الصغيرة بعينه الإشعاعي القوي بالهيمنة المرسومة لها داخل المحيط مادامت الطاقة اللازمة متوفرة لها وسوف تسجل كل حركة ما دامت إمكانات التسجيل متوفرة لها.

 

والفرق بين عين الله تعالى وهذه الكاميرا هو أن طاقة الهيمنة الصادرة من الله تعالى بهدف الإحاطة غير محدودة لا من حيث الكم ولا من حيث الكيف أو القدرة. وبما أن قدرتها غير محدودة فهي تفوق إشعاعات الثقوب السوداء وقادرة على التكيف والاعوجاج حسب رغبة المهيمن جل شأنه. فليس هناك عائق زماني أو مكاني أو مادي أمام تلك العين القوية التي تسيطر على كل شيء. والتعبير بالعين ليس صحيحا ولكنه من باب عجز اللغة وعجز فهمنا. هذه الطاقة لا تكتفي بالنظر والمعرفة والتعرف على كل حركة داخل الوجود بل تعدل كل خطإ حسب إرادة صاحبها جل شأنه. وحتى نتعرف على حدود السيطرة ولو جزئيا فإننا نعود إلى كتاب الله تعالى حيث يوضح ذلك هكذا في بداية سورة الحديد: سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ ﴿1 لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴿2 هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴿3 هُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يَعْلَمُ مَا يَلِجُ فِي الأَرْضِ وَمَا يَخْرُجُ مِنْهَا وَمَا يَنزِلُ مِنَ السَّمَاء وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنتُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ ﴿4 لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الأمُورُ ﴿5 يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَهُوَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ﴿6

 

وأرجو ألا يتصور القارئ بأن فهم هذه الآيات مماثل لقراءتها وتجويدها. إنها أعمق من ذلك بكثير. ولقد شرحتها بتفصيل لتلاميذ التفسير في لندن وسأكتبها في المستقبل بإذن الله تعالى. هنالك يتجلى لمن يرغب المزيد الكثير من المسائل التي ترتبط بارتباطنا بخالقنا العزيز جل شأنه. وسوف أشرح وأكتب قريبا مسألة ولوج الليل في النهار قبل ولوج النهار في الليل في سورة الحج. سوف تتجلى الكثير من المفاهيم اللازمة لمعرفة هذه المعضلة الكبرى للمتتبعين ولكن لا مجال لذكر هذه المسألة في هذا المكان، إلا أن نعرف بأن القرآن يتعرض للمسألة حسب إمكانات فهمنا نحن وسنفهمها شيئا فشيئا ولكن لا يمكن استيعابها بالكامل لما ذكرته في الفقرة السابقة التي بدأت بهذه الجملة: لا يمكن لنا وصف الارتباط بالخالق بأي تعبير زماني.

 

ولو كان الله تعالى محيطا بكل شيء وقد أخضع كل شيء لطاعته قسرا أو طوعا فهو يملك نظاما متكاملا للسيطرة على كل مكونات الكون العظيم وكل تكويناته المشخصة والمعنونة. فلا يُعقل هذا الملك المهيب والذي لا يتوقف عن التوسع بل هو متوسع باستمرار منذ اللحظات الأولى للانفجار الكوني، دون نظام ودون تعاون بينها جميعا. وبإمكاننا فهم الكثير من ذلك النظام السائد في كل الوجود وكذلك فهم سلطة المراقبة الدائمة على كل المكنات. وسوف أشرح ما يبدو لي خلال تفسير الكتاب الكريم بإذن الله تعالى. هذا النظام الشمولي هو المقصود والمنوي مع كلمة "الله" في الكتاب الكريم. فهذه الكلمة من الخطورة بمكان وحينما نمر عليها في الكتاب علينا بأن ننتظر مع ذكرها أوامر الطاعة والخضوع وليس معاني الرحمة وأبوابها. علينا ألا ننتظر جملة "شديد العقاب" مع اسمي "الرحمن والرحيم" بل يمكننا مشاهدتها مع اسم "الله".

 

وإذا شاهدنا معاني العذاب مع اسم الرحمن فهو بقصد التوبيخ. وذلك حينما يلوموا شخصا بما ناله من العذاب بقضاء الذي هو رحمان ورحيم! أو إظهارا للرحمة تجاه المظلوم وتجاه الذي أطاع الله وترك الشهوات. وإذا شاهدنا معاني النظام مع اسم الرحمن كما في آية: الرحمن على العرش استوى، فهو باعتبار أن الله تعالى خطير جدا واستواؤه على العرش يعني سيطرة القوة العظمى على كل الوجود. فلو لا تمثل الرحمن برحمته في استوائه على العرش وهو بمعنى السماوات والأرض فإنهما تنهاران وتتهشمان من شدة الصدمة ووقع الطاقة الكبرى. ولولا تمثله سبحانه بالرحمة لما تأتى لأي موجود أن يحتفظ ببقائه.

انتهى المفهوم.