حوار مع ملحد |
حوار مع ملحد - الكاتب: حيران محتارس / هل تؤمن بوجود الله؟
كتب أحمد المُهري: حوار بين مؤمن وملحد الملحد: هل تؤمن بالله؟ نعم: بكل تأكيد. هل رأيته؟ نعم، أراه دائما وتراه أنت أيضا ولكنك لا تعرفه فتخسره وأنا أعرفه وأسعى لأن أستزيد من هذه المعرفة، فأكسبه وأنال رحمته. ما هو شكله؟ أنت تعيش في ما قبل التاريخ، وقبل أن يعرف الإنسان الطاقة. نحن نعرف بأن الطاقة موجودة وبأن الإلكترونات موجودة ونعرف عددها وطريقة تحركها بما نراه من آثارها. هناك الكثير مما لا نراه وهي تتحكم فينا أكثر بكثير من المواد التي نراها. ذلك لأن هذه المواد لا يمكنها النفوذ في كياننا ولكن الطاقة تنفذ في كل شيء. ونعلم بأن هناك أنواع من الطاقة تنفذ في الطاقات الأخرى فتطوعها لنفسها. نعرف بأن هناك طاقات إشعاعية قوية تجذب الطاقات الضوئية وتجذب إشعاعات النجوم. أرجو تصحيح سؤالك أخي الملحد. كيف أصحح سؤالي؟ قل ما هي آثار الله ولا تقل ما هو شكله. فأنى للموجودات المادية أن تدير الكائنات الضخمة المهيبة؟ هل يتحرك ربك يمنة ويسرة؟ بالطبع أنه محيط بكل ما يتحرك ولكن أين تريده أن يتحرك؟ لو تحرك فهو أصغر من الفضاء المحيط بنا وصار محتاجا للفضاء. وأنا لست مؤمنا بإنسان كبير اسمه الله كما تسمعه من بعض المعروفين بالتدين. إنني أؤمن بنور السماوات والأرض وليس بالمستنير بالطاقات الموجودة بيننا. أليس مضحكاً أن نؤمن بإله يركب الحمار أو يزوره الناس في بيته؟! إنهم يتحدثون عن القصص الروائية المبنية على التخيلات وليس لهم أي علم بخالق الكون المهيب جل جلاله. أليس البشر قادرا على التصرف في الكائنات الضخمة؟ ألم تقولوا بأن محمدا قام بتنصيف القمر نصفين؟ قل لي أخي الملحد فما فعل بعد ذلك؟ بالطبع أنه وضع نصف القمر على جبل والنصف الآخر على جبل آخر وكان الجبلان أكبر من كل اليابسة في الأرض لأن الكرة القمرية كبيرة جدا. ثم ما فعل بلب القمر وبما فيه من إشعاعات وحرارة ومواد صلبة مذابة من شدة الحرارة؟ غريب أنه وأهل مكة لم يحترقوا؟ وكأنك أخي المؤمن تسخر من قصة شق القمر؟ بالطبع ومن كل قصة خرافية مشابهة. إنهم أرادوا أن يقولوا بأن الله العظيم هو أكبر قليلا من محمد بن عبد الله. قال الملحد: إن قرآنكم يقول: واتخذ الله إبراهيم خليلا. فإبراهيم البشر هو صديق مع رب العالمين كما تدعون وهو إنسان كبير فعلا. فهل تصدق عقلك أم تصدق القرآن؟ رد المؤمن: لو قلنا أن فلانا صديق التلفزيون أو كما قال سلفنا: وخير صديق في الزمان كتاب، فهل يعني ذلك أن التلفزيون والكتاب يبادلون الإنسان أحاسيسه ومشاعره؟ وهكذا لو قلنا بأن الله اتخذ إبراهيم خليلا فهو يعني بأنه خلصه من الوحدة والعزلة بعد أن طرده أبوه بسبب أفكاره الطيبة الصادقة فكفاه وحدته بفتح أبواب العلم عليه ليستمتع بالعلم أكثر مما يستمتع الأخ من أخيه الذي لا يمكن أن يتجاوب معه كاملة. ثم إنه سبحانه هداه ليذهب إلى الأرض المقدسة وجعل له صديقا بشريا هو لوط الذي رافقه في الهجرة من العراق. ثم إن إبراهيم كان يبادل ربه الصدق حتى أنه صار يحب الصدق كثيرا ودعا ربه أن يجعل له لسان صدق في الآخرين، فاستجاب الله دعاءه. وها نحن نرى الناس اليوم يغلون في كل الأنبياء إلا إبراهيم. كفاك أن تعرف بأن محمداً كان مأموراً بأن يتبع إبراهيم وهذا يعني بأنه تابع وإبراهيم متبوع ولكن المسلمين يقولون بأنه سيد إبراهيم! هذا هو حال إبراهيم مع موسى وعيسى وسليمان وداوود. الملحد: إنك تتحدث إلي وكأني أؤمن بالله ولكني لست كذلك. المؤمن: إذن كيف أتيت أخي الملحد، وكيف وجدت السماوات والأرضون؟ الملحد: بالصدفة كما تعرفت على زوجتي بالصدفة وبقيت سالماً بالصدفة وتعلمت بالصدفة وكنت مثل الحيوانات ولكني بالصدفة اصبحت عاقلا حكيما عالما وبقي زملائي الحيوانات بهائم لا يدركون. ألا تؤمن أنت بالخالق العظيم، الصدفة؟ حقاً إنك بعيد عن العلم أخي المؤمن. إن كل العلماء يؤمنون بالصدفة وهم الذين هيئوا لنا مفاتيح الحضارة والتقدم البشري، بالصدفة طبعاً. المؤمن: هل لهذه الصدفة أصول وقواعد يجب أن نتبعها أم أننا بالصدفة نصير علماء شئنا أم أبينا؟ وبالصدفة صار أهلونا العرب خرافيين يؤمنون بالأساطير ويشدون على حجاب النساء؟ وبالصدفة قام انيشتاين بوضع النسبية التي حيرت نتائجها العلماء فترة طويلة من الزمن؟ ولكني قد خلقت الصدفة ذات مرة، أخي الملحد. وكيف خلقت الصدفة؟ المؤمن: فكرت ذات مرة وأنا أكتب رسالةً أتحدث فيها عن مسألة تجارية كبيرة قيد التداول مع الطرف الآخر أن أرسل الكتاب في مغلف الشركة التي كنت أسعى لأخذ التوكيل منها وأضع كتاب تلك الشركة في مغلف الشركة التي كنت وكيلا لها فعلاً ليقوى موقفي لديها. لقد صنعت هذه الصدفة وأنا واثق من نتائجها الإيجابية فكان أن تم تبادل الكتابين بين الشركتين وبكل سهولة قطعت الشركة الثانية كل المناقشات وبعثت لي التوكيل الذي كنت تواقاً له ولكني كسبته بالصدفة. وما أدري لعل شيئا مشابهاً قد حصل بيني وبين زوجتي حينما تعرفنا على بعض بالصدفة التي خلقها أشخاص آخرون لم يعرفونا على أنفسهم ولكنهم أحبونا وعرفوا بأننا نحب أن نتزوج بالصدفة. الملحد: هل جننت أخي المؤمن هل هذه الصدفة المصطنعة مثل الصدفة التي خلقت الكون العظيم بهندسته الرائعة؟ إن ما تقوله لا تسمى صدفة ويمكن أن يصنعها الإنسان ولكن الكون لا يمكن لأي بشر أن يصنعه فليس هناك إلا الصدفة. المؤمن: إنني تحدثت عن أشياء موجودة تم التوفيق بينها بالصدفة فتعجبت أنت ولكنك تريد مني أن أوافقك على تكوُّن وحدة طاقوية أولية بالصدفة وقبل أن أنسى، فإن هناك فضاءً تشكلت بالصدفة قبلها أيضاً، ولا يفوتني القول بأن هناك مصدراً للحرارة قد تشكلت بالصدفة أيضاً واعذرني إن نسيت أن هناك هواءً أو شيئاً مشابهاً قد تواجدت قبلها بالصدفة أيضاً حتى لا تنكمش تلك الفضاء الصدفي على المادة الصُّدفية الأولى وعلى المصدر الصدفي لتلك الحرارة الصدفية. الملحد: لو كنا نريد أن نتوسع هكذا في تفكرنا، لقلنا بأن هناك جانب آخر للصدفة هو أكثر بكثير من تلك الصدفة المفترضة ويجب أن نظن بأن ذلك الجانب الوسيع الذي يضم ملايين الاحتمالات بل ملايين الملايين منها التي لم تتحقق أي منها بالصدفة. هكذا لن نصل إلى نتيجة معقولة مقبولة لدى الذين لا يؤمنون بالله. نحن عقلاء نؤمن بالصدفة حينما تُقفل الأبواب علينا ونؤمن بالحقائق حينما نقوى على إدراكها وفهمها. ولكنك أنت خرافي أسطوري أخي المؤمن حينما تؤمن بإله حكيم بارع يفهم كل شيء وقد خلق الكون بحكمة وإرادة جازمة ودبر أمرها. هكذا تحتاج أن تقول بأنه يديرها اليوم أيضاً ويلزمك أن تقول بأن هذا الإله المفترض الحكيم خلق أناسا عقلاء فأعطاهم الخيار لعلم الإيجابيات أو السلبيات ووعد بأن يثيب الطيب منهم ويعاقب المسيء. هناك تشعر بعدم الحرية الحقيقية التي تملكها فعلا. أنت حر وتقيد نفسك ظانا أن هناك حساب وكتاب في هذا الكون. أما نحن فنستمتع بحياتنا كما نشاء ولا نخاف الله أبدا. ولو كان هنالك إله كما تتصورون فنحن استعملنا عقولنا وسوف يثيبنا الإله لأنه حكيم يحب العقل الذي خلقه ويكره اتباع الأساطير. المؤمن: لكنه أخي الملحد، أرسل رسلا أتوا وأجروا اختبارات على أهل الأرض وماتوا وخلفوا كتبا ختمها الله تعالى بالقرآن وهو باق على حالته الأولى إلى اليوم وهو يفيض بالعلم والمعرفة. فلن يقبل الله تعالى منك هذا الكلام وأنت تعرف القرآن ولا تؤمن به ولا تفكر فيه. هل رأيت في الكرة الأرضية كتاباً آخر يدعي أن كلماته وجمله كلها من عند رب العالمين؟ لو رأيت ذلك فأخبرني لأقارن بينه وبين القرآن العظيم، ولكني سوف أعتبر القرآن كتاب الله تعالى ما دمت لم أر كتاباً يجاريه حتى ادعاءً. لكم دينكم ولي ديني، ولكننا نبقى إخوانا في الدنيا حتى يحكم الله تعالى بيننا وهو خير الحاكمين. أخوكم المؤمن بالله تعالى أحمد المُهري
|