سفر المسلم للدول العلمانية |
سفر المسلم للدول العلمانية : قراءة تحليلية - الكاتب: ليبرالي
كتب أحمد المُهري الأخ الملحد ليبرالي لم يأمر الله تعالى اليهود المؤمنين بالهجرة من مصر الفراعنة الملحدين إلا بعد أن ظلمهم الأقباط وأرادوا قطع دابرهم ولم يأمر المسلمين أن يهاجروا من مكة إلا بعد أن استنفد كل أساليب المصالحة مع المشركين المسيطرين على البلد الحرام. والهجرة قرآنيا واجبة للابتعاد عن الظلم وليس للابتعاد عن الكفر. والظلم هنا لا يعني المعصية بل الظلم هنا يعني القسوة التي لا يتحملها الفرد في بدنه ونفسه. وإن هجرة المسلمين إلى الدول العلمانية الأكثر عدالة من الدول الإسلامية دليل واضح وقاطع على زيف تلك الأحكام والتشريعات الحمقاء المنسوبة إلى الإسلام. هؤلاء رأوا ويرون عدم إمكانية تطبيق هذه التشريعات السخيفة ولكنهم في الواقع يتشبثون بها حماية لأحزابهم وتجمعاتهم وليس اتباعا لله تعالى ولما فرضه على عبيده. إن الفروض قليلة وأكثر أمور الناس منوطة بهم وبإرادتهم ولم يصدر الله تعالى أحكاما لكل صغيرة وكبيرة بل تركها للأمم ونصحهم بتكوين البرلمانات. قال تعالى في سورة المجادلة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ ﴿11﴾. والتفسح في المجالس معناه المشاركة فيها وإحياؤها والنشوز معناه الترفع وهنا استعير للعضوية في البرلمان وكسب أصوات الناس برأيي وقد أوصى الله تعالى أن يدخل المجالس من أوتوا العلم وهو مؤمنون ووعد بمساعدتهم وتقويتهم وأعلمهم بأنه خبير بما يعملون لئلا يظلموا من ينوبون عنهم ولا غيرهم، فيختاروا أحسن الآراء لأخذ قراراتهم. وقد صحح قبل ذلك طريق الاستشارات ومنع من التآمر في نفس السورة. قال سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا تَنَاجَيْتُمْ فَلا تَتَنَاجَوْا بِالإثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَتَنَاجَوْا بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ ﴿9﴾ إِنَّمَا النَّجْوَى مِنَ الشَّيْطَانِ لِيَحْزُنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَيْسَ بِضَارِّهِمْ شَيْئًا إِلاّ بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ ﴿10﴾. فالتناجي هو التشاور الخفي داخل جدران المجالس مثلا فأوصى بأن يكون للبر والتقوى والنجوى هنا معناه التشاور للسوء أو ما نسميه التآمر. وقد كتبت مقالا في العَلمانية ومدحتها واعتبرتها أصلا مفيدا للتعايش السلمي وذلك قبل أن أفكر في الهجرة إلى الغرب. والعَلمانية لا تعني اللادينية ولا الإلحاد بل تعني إقامة الأنظمة الدستورية القائمة على أساس مصالح الأمة بغض النظر عن معتقداتهم الدينية. والقرآن الكريم لم يدع إلى الحكومات الدينية ولا الإسلامية وكانت حكومة محمد بن عبد الله حكومة شعبية مرتبطة بالأمة وقد اختاره الناس أميرا لهم وليست الإمارة بالنسبة لهذا النبي جزءا من رسالته. كل الخلفاء الراشدين آمنوا بانتخاب الأمة ومبايعتها لهم ولم يؤمنوا بالاستبداد ولا بالحكومة الدينية التي هي أبشع من الشيوعية أحيانا. حتى ذلك النظام المعروف بالخلافة ليس نظاما واجبا مفروضا على الناس بأمر الله تعالى. إنه نظام بشري اختاره المسلمون قبل أن يتعرفوا على الأنظمة التي هي أكثر عدالة من نظام الخلافة التي تؤدي إلى الاستبداد كما آلت إليه أمر الخلافة بعد انقضاء أجل الخلفاء الأربعة الأوائل رحمهم الله تعالى. فالخلافة ليست نظاما إسلاميا فرضه الله تعالى وهي ليست حكومة دينية إسلامية كما تراءى لبعض المسلمين كالإيرانيين والطالبان ومن يحكم على غرارهم. يقال بأن علي بن أبي طالب قال: لو ثنيت لي الوسادة لأفتيت أهل التوراة بتوراتهم وأهل الإنجيل بإنجيلهم وأهل القرآن بقرآنهم. هذا يعني بأنه وهو أحد الخلفاء الراشدين كان يعتقد بضرورة الاهتمام بعقائد الناس ولم يعتقد بجواز فرض التشريع الإسلامي. والعلمانية نظام طيب آمن يحترم معتقدات الناس ولا يُفرض الدين على أحد فهي أكثر اتباعا للقرآن من الأنظمة الإسلامية قطعيا. وقد قال تعالى في سورة البقرة: لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿256﴾. أنا أعتقد بأن حكومة محمد بن عبد الله كانت أشبه بالحكومات الغربية وبأن الذين عاشوا تحت رعاية الحكم المحمدي كانوا أكثر تماثلا مع الشعوب الغربية وقد ألقيت محاضرة في بريطانيا قبل سنوات حول هذا الموضوع بالذات وأثبت للحاضرين بأن النساء في ظل حكم النبي كانوا مختلطين بين محجبات وسافرات مثل ما هم عليه في الغرب. والقرآن يشهد بذلك. قال تعالى في سورة الأحزاب: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل ِلأزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَّحِيمًا ﴿59﴾. ولازم نزول هذا الأمر هو أن تكون نساء النبي أو بعض نسائه غير محجبات وإلا كان أمر الله تعالى في غير محله. معاذ الله تعالى. وقد ذكر الله السبب في الأمر بالحجاب بالنسبة لنساء النبي وبناته والمتزوجات بأنه هو التمييز بين الحرة والأَمة. ومفاد ذلك منح الحرية لبعض النساء أن يمارسن ما يشأن ومحاولة القرآن لحماية النساء الشريفات من التعرض للتحرش من قبل الفضوليين لا غير. بالله عليكم هل الناس في السعودية وإيران هم كذلك؟ أليس الحرية الغربية أقرب إلى النظام الاجتماعي لكبير الإسلام وشيخ المسلمين عليه السلام؟ أتمنى أن تظهر حقائق القرآن للأمم فلا يظن الناس بأن ما يأتي به المسلمون من أخطاء واضحة هو ما أمر الله تعالى به، حاش لله.
أحمد المُهري
|