لطالما تحدث الناس عن الحقائق ولقلما أدركوها، لكنهم يظنون أنهم يحسنون فهمها وأن الآخرين يجهلون الحقيقة أو يعاندون. وكل من الآخرين يرى في الغير ما يراه الغير فيه. والمحزن المؤسف أن القليل النادر من الآدميين يظن في نفسه الخطأ وأندر منهم من يظن في آبائه الخطأ. لعل واحدا من هؤلاء على حق أو لعل كلهم مخطئون أو أن بعضهم محق في بعض ما يؤمن به ومخطئ في البعض الآخر، فكيف تتجلى الحقيقة؟

 

الحقيقة مُرًّة:

الكثير من أصحاب الشأن يهابون البحث والتمحيص وكثير من الذين يجرءون على النقاش والبحث يقفون خلف خط من الحقائق الثابتة عندهم والتي لا يمكن التخلي عنها. فهم يناقشون لإثبات معتقدهم وليس للكشف عن الحقيقة. وهكذا الكتب التي خطتها أيادي البشر. الكتاب المقدس يصرح بأن الناس يجب أن يكونوا أغناما يتقبلون ما يلقى إليهم والمسلمون عامة يدعون إلى التقليد وإلى اتباع المفتي والعالم بالدين ويمنعون الناس من تفسير القرآن برأيهم بل يعيدونهم إلى كتب السابقين. وفي السابقين طبقات مختلفة من المفسرين، يتخذ زعماء كل قوم من الناس في عصرنا هذا رأي طبقة من القدماء وينشرونها بين أتباعهم ويفرضون عليهم اتباعها، والويل للمخالف فهو مشرك وهو خارج مارق عن الدين. ويكون دمه مهدورا أحيانا ومس يده منجسا بأمر الله، والعياذ بالله.

 

ولكن لابد للنور أن ينجلي ولا بد للحقيقة أن تظهر نفسها أو تفرض نفسها وفرض الحقيقة مؤلم  وليس سهلا. أليس الأجدر بنا أن نتوخى الحقيقة بأنفسنا ونتبعها قبل أن تفرض نفسها علينا أو يفاجئنا الموت فلا مرد لنا ولا ملجأ؟ دعونا نفتح بابا للحوار الهادئ حول معتقداتنا وفي صميم ما نؤمن به إن كنا صادقين. هذا الباب مفتوح لمن هو صادق مع نفسه ويريد كشف الحقيقية والكاتب يصف نفسه تحت عنوان "اسمي أحمد المُهري" قبل أن يبدأ بالحوار ويدعوكم لقراءة ما يدونه والتفكير فيه فإن كان حقا فلا تتباطئوا في قبوله وإن كان باطلا فاهدوني معكم، لعلي أهتدي.

 

بساط متواضع:

وهناك مسألة أود ذكرها بأنني على خلاف عادتي سوف أحاول أن أكتب في هذه المجموعة بيسر وسهولة ودون تكلف حتى يسهل على الجميع معرفة ما فيه. ولا يخفى أن هناك الكثير من المواضيع الفلسفية العميقة سوف نتطرق لها إنشاء الله ونبسطها ليسهل فهمها ولكنها بحاجة إلى صرف الوقت والدقة والتفكير العميق فنحن سوف نخوض معا أعماق الحقائق الدقيقة في الوجود لنكتشفها ونتعرف عليها بأنفسنا دون الحاجة إلى الالتقاط من الغير.

 

أما الذين يهمهم هذه المحررات أو الذين يستفيدون منها فهم:

الذين يحبون الحقيقة ويتحملون مرارتها وتبعاتها كيفما كانت.

والذين يبحثون عن الحقيقة فيسمعون كل قول ريثما يفكروا فيما بعد في اتباع ما يتوافق مع مصالحهم الحالية أو المستقبلية.

والذين يشكون في ما ورثوه من مجتمعهم ومن سلفهم ولا يرون في الكشف عن واقع المسائل ما يضر بهم بل يشجعهم حبهم للاستطلاع على تفكيك جزئيات المعتقد وتطبيقها مع بعض إشباعا لحالة حب الاستطلاع.

والذين يؤمنون بالله ويشكون فيما دونه فهم من يمكن أن يؤدي شكهم إلى اليقين.

والذين لا يؤمنون بالله ويرون أن المادة هي الأصل في كل شيء وأن هندسة الكون ليس من تصميم أحد بل هي نتيجة تظافر الأخطاء على مر الأزمنة الطويلة وزوال الخطأ وبقاء الصحيح شيئا فشيئا. هؤلاء يجب عليهم الاطلاع على مقولات الآخرين بحكم العقل وذلك بغية إيجاد دليل مادي ضد من يخالفهم. ونحن في هذه المدونات سوف نتحدث الكثير عن أصل الكون نتيجة تفكرنا في خلق السماوات والأرض بأمر ربنا العظيم.

ثم الخطباء والوعاظ وأصحاب المنابر والمحاضرون في المسائل الدينية والأخلاقية الذين سوف يلقون الكثير من مفتقداتهم ومبتغياتهم ومراميهم مطوية أدراج هذه الصفحات الإلكترونية بمشيئة الحكيم العليم.

 

والمخاطب في هذه المقروءات هو الناس جميعا رجالا ونساء مؤمنين وغير مؤمنين لأنها دعوة إلى الحق بغية اتباعه وليس إثباتا لحق فرقة أو جنس أو جماعة أو فضلهم على غيرهم.

 

ترتيب المواضيع:

بقي أن نقول بأن الترتيب العلمي سوف لا يراعى في تقديم هذه المعلومات بل إنني سوف أتبع التدرج الفكري لدى عامة الناس وأسرد المعلومات بإذن الله حسب نسبة الاستيعاب والفهم العام وسوف يكون لتجاوب القارئين واستفساراتهم واعتراضاتهم المساهمة الحقيقية لوقوفي على مدى الحاجة ومقتضيات الزمان وتطور الرأي العام. إنني أعد بأن أجمعها فيما بعد بصورة علمية لتبقى مرجعا مفيدا لمن يخلفنا إذا بقيت سالما موفقا بإذن الله تعالى.

الإجابة على الأسئلة وتناول الردود والاقتراحات:

أتمنى أن يمن علي العزيز الكريم بالتوفيق ويحلل عقدة فكري لأكتب في كل شهر صفحة أو عدة صفحات في شرح وتبسيط موضوع كامل أو جزئية مفيدة. وبما أني مشغول بالكسب فأرجو من القارئ الكريم ألا يبخل علي بالوقت الكافي حتى أتجاوب مع مقترحاته أو أرد على استفساره أو انتقاده الذي سوف يلقى مني القلب المفتوح بإذن الله تعالى. ليس من عادتي الإهمال فإن مر زمن قبل أن أرد على ما تكتبونه إلي فلا تلوموني فإني منهمك بأعمالي وواجباتي تجاه نفسي وأسرتي.

 

ولحرصي الشديد على نظافة ما أرسله عبر الإلكترونات من الفيروسات الظالمة التي يبعثها أتباع الشيطان، لعنهم الله فإني سوف لن أفتح أي بريد إلكتروني غامض وأتمنى أن يتفضل علي القراء الكرام بمراسلتي بريديا أو بالفاكس على العنوان التالي:

          Husa Distribution

          164 Chiltern Drive

          Surbiton, Surrey

          UK.  KT5 8LS

          Fax No. +44 20 8255 9561

أو مراسلتي بالبريد الإلكتروني العادي بدون ملحقات أو بملحق عربي من ورد Word   فقط. وعنواني الإلكتروني(Email)   هو  ahmad@ahmadmohri.org.uk

ويترتب على هذا الإجراء ألا يهاب الزوار المحترمون من فتح كل ملف أرسله في الموقع، لكنني أعتذر كثيرا مما يتبع هذا التحذر من صعوبة في التحاور معي، كل ذلك لضعف فيّ لا في القراء المحترمين.

 

خصيصة هذه الأبحاث:

سترون بإذن الله في هذه المحررات مواضيع وتفسيرا ت جديدة للمحيط الذي تعيشون فيه كما ستقفون على الكثير مما خفي عليكم من كتاب الله بما يتفق مع ما وصل إليكم من معلومات علمية عن الوجود والكون والبشر ولكن الذي تقرؤونه هنا ليس بالضرورة مطابقا لما سمعتموه من آبائكم أو قرأتموه في بعض كتب الحديث. إلا أن الذي يطغى على هذا الكتاب هو القرآن الذي يبين كل شيء. النحل: 89 {...ونزلنا عليك الكتاب تبيانا لكل شيء...} وهو الذي يهدي للتي هي أقوم. الإسراء: 9 {إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ..}. وأنا غير مبال باختلاف القرآن مع الحديث فأنا لست مأمورا باتباع أي شيء يخالف الكتاب.

أما ما يُستدل عليه بأن الله أمر باتباع الرسول. فإن الله قد وضح قول الرسول أيضا. اقرأ الآية 40 فما بعدها في سورة الحاقة {إنه لقول رسول كريم  وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون  ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون  تنزيل من رب العالمين} والمقصود بالرسول هنا هو محمد بن عبد الله وليس جبرائيل لأن المتهم بالالتقاط من الكهنة وبالشعر هو المصطفى محمد. والهاء في إنه راجع إلى القرآن فالقرآن هو قول الرسول الذي يجب اتباعه وأما ما يروى عنه فيجب تمحيصه ومناقشته للاطمئنان على صحة مصدره ثم عرضه على القرآن ثم العمل به. كل هذه المعالجات غير صحيحة بخصوص القرآن بل يجب على المسلمين اتباع القرآن دون جدل. 

 

هذا الكتاب منزّل على محمد ولكنه لكل البشر ومحمد هو الذي اصطفاه الله علينا لتبليغ رسالة السماء وليس هو وحده المنوي بالقرآن. فهلا علينا أن نتدبر آيات الله ونحاول معرفتها بأنفسنا؟ وهو الكتاب الوحيد الذي بقي كما هو من يوم نزوله إلى الأرض. أما ما يرُوى عن رسول الله –غير القرآن- فهو مختلَف فيه و لا يخلو من متناقضات تبعده عن الحقيقة المحضة. سوف أحاول في هذا الموقع الإلكتروني أن أفسر القرآن بالقرآن وبالواقعيات العلمية التي ثبتت بالتجارب المخبرية المعروفة. وبما أن المخاطبين ليسوا جميعا من المسلمين بالضرورة فإني سوف أتعرض لمقولات الكتاب المقدس وللمعتقدات الديالكتيكية والمادية أحيانا، لكني سوف أبدأ بدراسة الكتاب المبين بغية تهيئة المسلمين لقراءة ما لم يتعودوا عليه. والقرآن كتاب عظيم يحتوي على الكثير من الحقائق الكونية فحري بالعاقل المفكر أن لا يتوانى في قراءته ودراسته والتعمق في مفاهيمه كيفما كان مذهبه ومعتقده. سأحاول وضع قاموس يوضح التعابير والكلمات القرآنية ليسهل على المتابع معرفة ما أراده الله بإذنه تعالى من خلال الأبحاث التي أقدمها في البداية.  

 

حقوق الترجمة والطبع والنشر:

نويت والله من وراء القصد أن أكتب ما أكتب بالعربية وبهذا أذنت لمن شاء أن يترجم ما أكتبه كليا أو جزئيا باللغة التي يعرفها إن كان يجيد العربية وأوصيه بأن يتوخى الدقة والأمانة ويبلغني بما شاء وأراد. لكل من شاء الحق بأن ينقل كل أو جزء هذه المحررات بلغتها الأصلية أو بترجمتها مع ذكر المصدر ويطبعه أو يوزعه وينشره بمقابل أو دون مقابل. وليس لأحد الحق في الاحتفاظ بحق النشر أو الطبع لنفسه أو لمؤسسته أو لغيره بأية صورة. ما نكتبه جزء من العلم وليس لأحد الحق في احتكاره كما إني لا أريد منكم جزاء ولا شكورا. وسوف أتبع أساليب حفظ حقوق الطبع المتداولة لأعطي المعنى لما أذنت به في هذا المقطع ولا أستهدف كسبا ماديا، والحمد لله أولا وآخرا.

 

                                                      أحمد المُهري

 

ولنتبارك اليوم بذكر مسألة الصلاة والسلام.