نستنكر الإغتيال و القتل العشوائي

في قلب الولايات المتحدة وفي نيويورك وقعت جريمة بشعة ومشينة فخلال دقائق قليلة وقع آلاف من البشر ضحايا جريمتين انتحاريتين لم يسبق لهما مثيل في تاريخ الإنسانية كما وقعت جريمة ثالثة ورابعة بعد دقائق أخرى بنفس النية السيئة. نحن لا نعرف بين من يؤمنون بالله من يُبيح هذا الاستهتار الواضح بأرواح الأبرياء بقصد وتعمد. لا زال مصدر الجرائم مجهولا ولكن هناك من يظن بأنهم كانوا محسوبين على المسلمين وقد قاموا بجريمتهم النكراء بحجة الدفاع عن الإسلام أو عن المسلمين.

 

ونحن كبشر وكمسلمين نستنكر بشدة هذا العمل الوحشي ونعلن لكل من يسمعنا بأن الدين الإسلامي لا يُبيح الانتحار مهما كانت الأسباب. وبما أنني مؤمن بالإسلام، أرى لزاما علي أن أو ضح للآخرين رأي القرآن الكريم في مثل هذه التصرفات.

1.       ليس في القرآن الكريم أية آية تشير إلى جواز الانتحار أو القتل العشوائي أو الاغتيال بتاتا.

2.       يأمر القرآن كل من ظُلم بأن يُدافع عن نفسه إن قوي عليه ولو تعذر على المسلم أن يعيش بسلام ويؤدي واجباته الدينية كما هو مطلوب منه في بلده، فليهاجر في أرض الله الواسعة. لا يجوز البقاء في أرض ظُلم فيها المسلمون إن كانوا قادرين على الهجرة ولا يجوز الإقدام على أي عمل انتحاري دفاعا عن الأرض.

3.       ليس في تعليمات القرآن أي أمر باغتيال الظالمين، فالمؤمنون كانوا يصبرون أو يحاربون حينما يأمرهم الله بذلك عند وجود القدرة والاستطاعة. ولنا في ما ذكره الله من قصص أنبيائه أكبر العبر في أساليب محاربة الظلم. لقد ذكر الله الحوار والصلح والهجرة والإعداد المسلح تخويفا ثم الحرب الدفاعية بعد التخويف بما بيدهم من قوة إن كانوا قادرين عليها. لقد وعد الله الجنة لمن يصبر إذا ضاقت عليه الأرض بما رحبت ولم يأمره بالاغتيال أو الانتحار أو القتل العشوائي.

4.       لا يجوز بأي عذر تعريض حياة الناس وأمنهم وأموالهم للخطر مهما كانت الأهداف لأن الإسلام يُفرض على المسلمين سلامة الهدف والوسيلة ولا يُبرر الوسيلة غير الشريفة للوصول إلى الهدف النبيل. فلا يجوز محاربة من لم يبدأ بالحرب معك ويحب احترام أمن الناس وأموالهم وأرواحهم ما لم يعلنوا الحرب.

5.        عند القدرة يجوز الاعتداء على المعتدي بقدر ما اعتدى لا أكثر. وهذا السماح للشخص المعتدى عليه أو وليه لا لمن يتبرع بالدفاع عنه.  ويجب إنزال الاعتداء على المعتدي فعلا لا على أمة بحجة أن حكومتهم تدافع عن الظالمين.

 

المسلمون الذين يتبعون الله أناس مسالمون لا يريدون إلا الخير ولا يبدون غير المحبة والسلام ولا يميلون للأهواء ولا يعبدون أو يطيعون غير الله وحده. ولو قام بعض الجاهلين بطاعة من يقترفون الجريمة في سبيل مآربهم وأهوائهم وانتحروا وقتلوا الآخرين فهم من الذين لا يستحقون رضا الله وقد سدوا على أنفسهم أبواب رحمة الله. يكفيهم أنهم ماتوا في سبيل الشيطان ولا أمل لهم في الآخرة مع الأسف.

 

إن كل المسلمين والمسلمات متعاطفون مع عوائل الضحايا ويستنكرون هذا العمل الإرهابي الجبان. أرجو من الذين أصيبوا في هذه المحنة أن يعتبرونا شركاء معهم لا مع من اعتدى عليهم.

 

الإسلام هو دين الحب والثقة والقناعة ودين الفكر والنور ودين السلام والقانون والتشريع ودين الذين يحبون الله ويحبون عباد الله ويسعون لإصلاح أنفسهم وإصلاح الآخرين بالحكمة والموعظة الحسنة والمناقشة الطيبة وليس بالقتل والتكفير وزرع الخوف واستباحة الأموال والأرواح.

 

ثم إني أدعو البشرية جميعا للعودة إلى الله وأخذ الدرس الكامل مما حدث للأبرياء في أمريكا. فلنعد إلى الله لأنه وحده القادر على أن يحفظنا وليس إمكاناتنا المادية وأجهزتنا الحربية والاستخباراتية.

 

كما أدعو الأمريكيين أن لا ينسوا دفاع حكومتهم المستميتة والظالمة للاسرائيلين فأرجو من حكام الولايات المتحدة أن يكفوا عن مساعدة الظالم بل يسعوا للدفاع عن المظلوم حتى لا يرفع الله رحمته من الشعب الأمريكي الطيب والمؤمن بالله.

أحمد المُهري

12/9/2001